14 سبتمبر 2025 / 20:56

منهجية سيد قطب في وصف المجتمع بالجاهلية: وقفة نقدية

عمرو عبد الحافظ. كاتب وعضو في جماعة الإخوان المسلمين سابقا

حول قوله تعالى في سورة آل عمران وصفا لليهود “ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون”، يقول سيد قطب في الظلال: “فالكفر بآيات الله ــ سواء بإنكارها أصلا أو عدم الاحتكام إليها وتنفيذها في واقع الحياة ــ وقتل الأنبياء بغير حق، وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس كما جاء في آية أخرى في السورة، والعصيان والاعتداء؛ هذه هي المؤهلات لغضب الله والهزيمة والذلة والمسكنة. وهذه هي المؤهلات التي تتوافر اليوم في البقايا الشاردة في الأرض من ذراري المسلمين، الذين يسمون أنفسهم بغير حق مسلمين. هذه هي المؤهلات التي يتقدمون بها إلى ربهم اليوم، فينالون عليها كل ما كتبه الله على اليهود من الهزيمة والذلة والمسكنة”.

أظن أن النص بالغ الوضوح والصراحة في تكفير المسلمين.. سيد لم يستخدم هنا لفظ الجاهلية الذي اعتاده، والذي يزعم الإخوان أنه أراد به شيئا غير التكفير. منطوق الآية لم يترك له فرصة للاختباء وراء كلمة الجاهلية. هو يحكم هنا بمنتهى الوضوح بتكفير “الذين يسمون أنفسهم مسلمين”.

سبب وقوع سيد في تكفير الأمة يتضح في السطر الأول من كلامه: “فالكفر بآيات الله، سواء بإنكارها أصلا، أو عدم الاحتكام إليها وتنفيذها في واقع الحياة”.. فهو يصدر حكمه بالتسوية بين منكر الآيات وبين العاصي الذي لا يطبق الآيات في الحياة.

هذه هي مشكلة سيد المنهجية التي وصف من أجلها المجتمع بالجاهلية وحكم على الأمة بالكفر. في حقيقة الأمر فإنه لا يكون كافرا إلا من امتنع عن تنفيذ آيات الله إنكارا لها أو جحودا أو استهزاء.

أما من أقر بها وآمن بها واعترف، ولكنه قصّر في تنفيذها؛ فهذا يعد عاصيا، ولا يصح أن يوصف بالكفر. التكفير بالمعصية هو نواة الخطأ الشنيع الذي وقع فيه سيد قطب، وتشظت عنه كل أخطائه اللاحقة فيما يتعلق بنظرته للأمة المسلمة.