10 يونيو 2025 / 09:21

مشروع قانون يضع حرية انتقاد الأديان على طاولة التشريع في بريطانيا

يستعد النائب المحافظ نِك تيموثي Nick Timothy لعرض مشروع قانون جديد على البرلمان البريطاني، يهدف إلى استثناء انتقاد الأديان من القوانين المتعلقة بالتحرش أو التحريض.

ويأتي هذا التحرك في أعقاب إدانة المواطن حميد جوشكون بتهمة تتعلق بالنظام العام بعد قيامه بحرق نسخة من القرآن أمام السفارة التركية في لندن، وهي القضية التي أثارت جدلا واسعا حول حدود حرية التعبير وتداعياتها القانونية.

ويقترح مشروع القانون، الذي يحمل اسم “حرية التعبير بشأن الدين أو المعتقد”، استثناء النقاش أو النقد أو حتى التعبير العلني عن الكراهية أو السخرية من الأديان والمعتقدات من نطاق القوانين التي تجرّم التحرش أو التحريض، مستندا إلى ما يراه خللا في التوازن بين حماية الحساسيات الدينية وصيانة الحريات الفردية.

وينص المقترح بوضوح على أن أحكام “قانون النظام العام”، الذي استخدم لإدانة جوشكون، لا يجب أن تنطبق على الأفعال أو الأقوال التي تدخل في نطاق التعبير عن الرأي تجاه الدين، مهما كانت درجة الاستفزاز التي تنطوي عليها، طالما أنها لا تحرّض بشكل مباشر على العنف.

واعتبر عدد من النواب الداعمين للمقترح أن الإدانة الأخيرة فتحت الباب أمام ما يشبه عودة “قوانين ازدراء الاديان” بشكل غير معلن، عبر استخدام أدوات قانونية مخصصة لضبط النظام العام لحماية المشاعر الدينية، وهو ما يمثل، في نظرهم، تهديدا للحرية الفكرية وحق الاختلاف.

وفي المقابل، عبّرت منظمات إسلامية ومناهضة للكراهية عن قلقها من أن يُستخدم مشروع القانون غطاء لحماية مظاهر العداء الصريح تجاه المسلمين أو الأقليات الدينية، مشددة على أن الخط الفاصل بين “النقد المشروع” و”التحقير المتعمد” يبقى غامضا وقد يفتح المجال لتبرير سلوكيات تنتهك كرامة الأفراد تحت ذريعة الحرية.

كما اعتبر بعض المتابعين أن ربط حرية التعبير بالإهانة أو الكراهية قد يؤدي إلى تغذية التطرف المضاد وتبرير سلوكيات خطرة، خصوصا في سياقات تشهد تصاعدا في التوترات الدينية والعرقية.

من جهتها، أكدت الحكومة البريطانية أنها لا تعتزم إعادة قوانين ازدراء الاديان، لكنها شددت على ضرورة التوازن بين احترام المعتقدات ومواجهة خطابات الكراهية، وأشارت إلى أن نظام الشكاوى والقوانين الحالية كاف لحماية الجميع، رافضة في الوقت نفسه التدخل في مسار القوانين المقترحة ما دامت في مراحلها البرلمانية.

ويأتي هذا الجدل في سياق أوسع تشهده المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى حول الحدود المقبولة لحرية التعبير، خصوصا عندما تتعلق بالسخرية أو الازدراء الرمزي من الرموز الدينية، وهو جدل يتقاطع مع قضايا الهجرة والاندماج والهويات الدينية في الفضاء العام.

وتبرز في خلفية هذا النقاش تحذيرات بعض المنظمات من استخدام قوانين النظام العام كوسيلة لحماية الأديان بدلا من حماية الأفراد، معتبرة أن التعدد الديني والثقافي يجب ألا يتحول إلى سبب لتقييد حرية الفكر والنقد.

ويرى متابعون أن البرلمان البريطاني يواجه اليوم تحديا في إيجاد صيغة قانونية تضمن حرية التعبير دون أن تسمح بتفشي خطاب الكراهية، وهي معادلة دقيقة في بيئة ديمقراطية متعددة الأديان والثقافات مثل بريطانيا.