الأستاذ سعيد جعفر
انتقلت الدولة المغربية إلى المستوى الثاني في السيادة والذي يدخل ضمن الاختصاصات الحصرية للملك بموجب الفصلين 41 و42 من دستور 2011.
إذ وبعد ترسيم المياه الإقليمية على مستوى الصحراء المغربية (السيادة المائية) وبناء جدار عازل على مستوى الطريق البري الرابط بين المغرب وموريتانيا (سيادة برية) وتوقيع اتفاقية الملاحة والطيران الدولي قبل سنوات، وبعد بسط السيادة الإدارية عبر إحداث عمالة أوسرد باعتبار العامل هو ممثل لجلالة الملك إداريا بتراب الإقليم، ها هو المغرب يمر الى المستوى الثاني وهو المستوى الديني، حيث ان إمام المسجد المحدث هو إمام أصغر ممثل للإمام الأكبر أمير المؤمنين.
وخارج مستوى السيادة الترابية والإدارية والدينية الروحية هاته، فإن بناء مسجد بالتوازي مع تحرير معبر الكركرات من ميليشيات مرتزقة البوليساريو يعني ما يلي:
1- إن إقامة الصلاة لعابري السبيل من مسافرين وناقلي سلع وسائقي شاحنات وسيارات ودواب يدخل ضمن حماية المعاذ والعباد وهي أس مهام إمارة المؤمنين وجوهر تحملاتها والتزاماتها.
2- إن إمارة المؤمنين تشمل كل المؤمنين وغير المؤمنين بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم.
لقد أشرنا سابقا أن آخر درس حسني لوزير الأوقاف أمام جلالة الملك أمير المؤمنين فتح أفقا لإمارة مؤمنين حاضنة وواسعة، وأن لقاء امير المؤمنين ببابا الفاتيكان وما ترتب عنه من آثار يفيد أن إمارة المؤمنين ستتسع وتتجاوز مداها وإطارها الإسلامي لتشمل مؤمني الديانات الأخرى وغير المؤمنين باعتبار عدم الاعتقاد الديني هو في ذاته اعتقاد خاص بالوجود وبالعلاقات بين الخالقين والمخلوقين وتفسيراتها الفيزيائية والمادية والعقلية والروحية ايضا.
مسجد الكركرات سيكون مكانا لأداء الصلوات من طرف المسلمين من دول افريقيا وأداء الطقوس من طرف غير المسلمين من الموحدين، وسيكون مكان راحة جسدية وروحية من طرف غير المؤمنين.
3- إن الدين شكل رافعة ومشتلا لقيم الانضباط والاتقان والنزاهة والوفاء وغيرها من الفضائل وكلها فضائل تعضد النشاط التجاري والمهني والصناعي وغيره، فالأخلاق الدينية تساهم دائما في الاقتصاد.
4- لعب الإسلام وإمارة المؤمنين دورا مهما في توطيد علاقة المغرب بعمقه الإفريقي وسيكون مسجد الكركرات تكملة لسلسلة المساجد المغربية في دكار وليبروفيل ولومي وغيرها…
ولا استبعد قيام نقطة صوفية تيجانية درقاوية في محيط معبر الكركرات كمقدمة لتوطيد العلاقة الصوفية خصوصا مع الزوايا الصوفية بدول الساحل واعادة انتشار التمركز الصوفي المفرط في انواذيب وتيرس وانواكشوط وباقي المناطق الموريتانية.
ولا استبعد كذلك استمرار المملكة في اختراقها الناعم للمجال الصحراوي الديني والثقافي عبر مقدمة إحداث مسجد أشرف على تأسيسه ممثلون عن الجيش المغربي وعامل الإقليم وممثل وزارة الاوقاف والمجلس المحلي العلمي.
موقع الكاتب على فيسبوك
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12161