رشيد المباركي. دين بريس
أشارت افتتاحية مجلة “دبلوماسي” الفرنسية (التي تصدر مرة كل شهرين) إلى أن الهجوم في بَهَالْغَام، في كشمير الهندية، أعاد إشعال فتيل بؤرة توتر بين الهند وباكستان، وهي بؤرة توتر كانت حتى ذلك الحين تحت الرادار، حيث كانت الأخبار الدولية في السنوات الأخيرة كثيفة وفعالة. ولهذا اعتبر هذا الهجوم بمثابة الشرارة لأسوأ مواجهة مسلحة بين هذين البلدين منذ عشرين عاما.
وأضافت الافتتاحية أن الهند اعتمدت استراتيجية جديدة تقضي بنظرها الآن إلى أعمال الإرهاب ليس كأفعال غير مباشرة، بل كأعمال حرب، وردت نيودلهي بإطلاق عملية “سندور”، مما أعاد إلى الأذهان شبح صراع بين قوتين نوويتين.
بعد أربعة أيام من المواجهة العسكرية، مما أثار الخوف من فتح حرب جديدة، وافق البلدان على وقف إطلاق نار فوري. لكن هذه الأربعة أيام لم تخل من العواقب، يوقظ ذلك توترات تذكّر بأن السلام المستدام بين نيودلهي وإسلام أباد غير قابل للتصور على المدى القصير أو المتوسط. على العكس من ذلك، من خلال التهديد بقطع مياه نهر السند عن جارتها، تدفع الهند بلدا يعتمد عليها بشكل كامل إلى حافة الهاوية. إذا كان كشمير، الذي تعد سكانه المحليون الضحية الرئيسية للتوترات بين الجارتين، يمثل موضوع توتر دائم، فلا شك أن مسألة المياه تبدو أيضا، إن لم تكن أكثر، مثيرة للاشتعال.
وبينما لا يزال السؤال قائما حول من هو الفائز في هذا الصراع الأخير، باكستان أم الهند، فإن الصين قد برزت كفائز، دون إطلاق رصاصة، خاصة أن الأسلحة الصينية هي التي سمحت لباكستان بالتصدي للجيش الهندي. علاوة على ذلك، فإن الموقف الصيني قد تعزز أيضا، مقارنة بمناورات دونالد ترامب، الذي تفاخر بأنه تجنب حربا نووية، بينما جاء ناريندرا مودي ليذكره بأن الهند لا تقبل أي وساطة من طرف ثالث في نزاعها مع باكستان.
لكن إذا كانت جمرات هذا الصراع لا تزال مشتعلة، فقد توجهت جميع الأنظار بسرعة نحو جبهة أخرى، تقع هذه المرة غرب باكستان، حيث مباشرة بعد اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، أصبح الشرق الأوسط بأسره مهددا بالمجهول.
بينما كانت فرضية الهجوم الإسرائيلي على طهران تعتبر سيناريو كارثيًا قبل بضعة أسابيع، فإن خطر أن تغرق إيران في الفوضى أصبح اليوم واقعا. على الرغم من أن العديد من السيناريوهات لا تزال مطروحة على الطاولة، فإن الأسئلة عديدة: هل نشهد سقوط آخر دومينو من محور المقاومة في طهران؟ هل ستستخدم إيران آخر ورقة لديها: إغلاق مضيق هرمز؟ هل تمتلك إسرائيل الموارد اللازمة لمواجهة عدة جبهات؟ هل هناك خطر من التلوث أو انتشار بعد تدمير البرنامج النووي الإيراني؟ وكيف يمكن تفسير الموقف السلبي لموسكو تجاه حليفها الاستراتيجي؟ بغض النظر عن الإجابات على هذه الأسئلة، لا شك أن الأشهر المقبلة، تضيف الافتتاحية، حاسمة لمستقبل الشرق الأوسط والعالم.