13 يوليو 2025 / 11:19

ما قصة البقرة الحمراء التي تنذر بإشعال فتيل التوتر في المسجد الأقصى؟

دين بريس
تحول ذبح البقرة الحمراء في السنوات الأخيرة إلى مشروع حيّ تتقاطع فيه الأبعاد الدينية والسياسية والرمزية داخل إسرائيل وخارجها، وسط جدل يتسع يوما بعد يوم، ففي الأول من يوليوز 2025، شهدت هضبة نائية في شمال إسرائيل إقامة طقس تجريبي لحرق بقرة حمراء، تحت إشراف منظمة “بونيه إسرائيل” التي تسعى لإحياء الممارسات المرتبطة بالهيكل القديم.

وجرت العملية بإشراف مباشر من حاخامات مختصين، وتم حرق البقرة على محرقة مفتوحة وسط حضور محدود وتصوير دقيق، باعتبارها بروفة أولى قبل تنفيذ الطقس بشكل رسمي على جبل الزيتون المطلّ على المسجد الأقصى.

ويشترط سفر العدد في الإصحاح 19 من التوراة أن تُذبح البقرة الحمراء وتُحرق على جبل الزيتون، بحيث يكون الموقع مطلا مباشرة على مكان الهيكل القديم، وأن تكون البقرة خالية تمامًا من العيوب، لم تسبق لها الولادة، ولم يُسخرها الإنسان لأي عمل من قبل.

من يقف خلف هذا المشروع ليس فقط جماعات يهودية دينية، بل أيضا مسيحيون إنجيليون من الولايات المتحدة، يتقدمهم رجل الأعمال “بايرون ستينسون”، الذي موّل عمليات البحث عن البقرة في تكساس وعرض مبالغ تصل إلى 50 ألف دولار للمزارعين الذين يستطيعون تقديم بقرات مطابقة للشرط الشرعي.

وتم فحص عشرات البقرات من سلالة “ريد أنغوس” و”سانتا جيرتروديس”، وفي النهاية نُقلت خمس منها بطائرة خاصة إلى إسرائيل عام 2021 بعد تأكيد مطابقتها للشروط، فستينسون ليس مجرد ممول، بل مؤمن عميق بأن هذا الطقس سيُمهّد لعودة المسيح، ويُعيد العبادة الدينية إلى هيكل يُعاد بناؤه، كما ينص عليه في رؤيا يوحنا الإصحاح 11، حيث تُستأنف الذبائح والتطهير.

وبالرغم من أن الحرق لم يتم بعد في الموقع الشرعي فوق جبل الزيتون، فإن ما جرى في مطلع يوليوز شكّل تحولا عمليا نحو ذلك، وقُدمت هذه “التجربة” على أنها “معجزة”، بحسب وصف ستينسون، الذي أشار إلى أن هناك تسعة ملايين بقرة تُذبح يوميا حول العالم، لكن “هذه البقرة ارتفعت فوق الجميع”.

وأظهر المقطع المصور الذي البقرة تحترق وسط لهب عال أثار ردود فعل متباينة، من جهة، اعتبره أنصار الهيكل انتصارا على ما سموه “الخمول الروحي” وتقدما في الاستعدادات الطقسية، ومن جهة أخرى، رأت فيه جهات فلسطينية ودولية مقدمة مباشرة لتكريس السيطرة الدينية على المسجد الأقصى.

لم تخلُ هذه التحركات من تداعيات سياسية، ففي خطابات نُسبت لبعض قادة حركة حماس، استُخدم موضوع إدخال البقرات الخمس إلى إسرائيل كأحد المبررات الرمزية لهجوم 7 أكتوبر 2023، باعتبارها خطوة استفزازية ذات دلالة دينية خطيرة، تهدد حرمة الأقصى والمقدسات الإسلامية.

التحالف الإنجيلي-اليهودي في هذا السياق ليس جديدا، لكنه ازداد وضوحا في السنوات الأخيرة، حيث تموَّل مشاريع رمزية من نوع خاص، لا تكتفي بالطقوس بل تشمل أفلاما وثائقية مثل “Holy Cow”، ومواقع إعلامية مخصصة لنشر النبوءات التوراتية، مثل منصة “Templ3” التي يديرها ستينسون. ويُنتظر أن يتم قريبا نشر فيديو تعليمي عن طقس البقرة الحمراء، لتوسيع دائرة التأثير والإقناع بضرورة إقامة الهيكل كشرط إيماني ووجودي.

في نهاية المطاف، فإن البقرة الحمراء باتت تمثل أكثر من مجرد طقس ديني، تحولت إلى بوصلة دينية وسياسية تقود خيوطا معقدة من التحالفات، من جماعات إنجيلية في الغرب إلى يهود أرثوذكس في القدس، وكل ذلك في ظل هشاشة الوضع في الحرم الشريف، الذي يقف اليوم في قلب زلزال لاهوتي مرشح للتفاقم.
ـــــــــــ
عن شبكة RNS ومصادر اخرى