2 يونيو 2025 / 08:47

ما خلفيات النزاع حول أقدم دير مسيحي يوجد بمصر؟

أغلق رهبان دير “القديسة كاترين” Saint Catherine التاريخي أبواب الدير في وجه الزوار، احتجاجا على حكم قضائي مصري قضى بمنحهم “حق الانتفاع” فقط، دون الاعتراف بملكية الدير أو أراضيه، ما أثار موجة من القلق داخل الأوساط الدينية والثقافية المعنية بحماية التراث.

واتخذ الرهبان، وعددهم حوالي عشرين، قرار الاعتصام داخل أسوار الدير، مانعين أي دخول أو زيارات، في خطوة رمزية تعبّر عن رفضهم لما وصفوه بـ”التهديد المباشر” لاستمرارية الدير كمؤسسة دينية قائمة منذ القرن السادس الميلادي، عندما أمر الإمبراطور جستنيان الأول بتشييده عند سفح جبل سيناء.

وأثار الحكم القضائي، الذي يفيد بإلغاء صفة الملكية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، مخاوف من إمكانية تحويل الدير إلى متحف تديره الدولة، مما قد يؤدي فعليا إلى إنهاء وجوده الديني المستقل، بالرغم من تأكيد الرئاسة المصرية على التزامها بحماية “الوضع المقدس” للدير.

وأطلق الرهبان حملة توعية دولية للتنبيه إلى تداعيات القرار، موجهين نداءاتهم إلى الكنائس الأرثوذكسية والمؤسسات الدينية حول العالم، في محاولة لحشد موقف جماعي يضغط باتجاه مراجعة الحكم وتفادي ما يعتبرونه “سابقة خطيرة” في التعامل مع الممتلكات الدينية.

وأصدر رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان، بيانا وصف فيه الحكم بأنه “انتهاك صارخ للحريات الدينية”، داعيا الحكومة اليونانية إلى التدخل العاجل لحماية الدير، وضمان الحفاظ على وضعيته القانونية والتاريخية، التي استمرت دون انقطاع لما يزيد عن خمسة عشر قرنا.

وأكدت رئاسة الجمهورية المصرية، من جهتها، أن الحكم لا يهدف إلى تغيير الوظيفة الدينية للدير، مشددة على أن السلطات المصرية ملتزمة باحترام خصوصيته، ومعتبرة أن القرار القضائي لا يتعارض مع التصريحات السابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي حول ضمان استمرار الدير كموقع ديني فريد.

تجاوزت ردود الفعل الأوساط المسيحية، لتشمل منظمات تعنى بحماية التراث العالمي، التي رأت في الحكم تهديدا للهوية التاريخية والدينية للموقع، خصوصًا أن دير سانت كاترين لا يمثل فقط رمزا مسيحيا، بل يعدّ موقعا ذا أهمية لليهود والمسلمين، لارتباطه بسردية جبل الوحي وتسليم الوصايا العشر.

يحظى الدير بمكانة استثنائية نظرا لما يحتويه من كنوز بيزنطية، وأيقونات نادرة، ومكتبة مخطوطات تُعدّ من الأهم في العالم المسيحي، ما يجعله مقصدا روحيا وثقافيا وسياحيا في آن، ويزيد من حساسية أي تغيير يطال بنيته القانونية أو طابعه الديني الأصلي.

ويترقب الرهبان ومعهم جهات دولية عديدة ما ستؤول إليه الأمور خلال الأيام المقبلة، في ظل استمرار إغلاق الدير وتصاعد الأصوات المطالبة بإعادة النظر في القرار، حفاظا على ما تبقى من الرموز الروحية التي تجاوزت حدود الجغرافيا والسياسة.