ما المقصود بمصطلح “الثوابت الدينية”؟

دينبريس
2025-02-15T11:26:02+01:00
آراء ومواقف
دينبريس15 فبراير 2025آخر تحديث : السبت 15 فبراير 2025 - 11:26 صباحًا
ما المقصود بمصطلح “الثوابت الدينية”؟

الزياني محمد
– مفهوم (الثوابت الدينية): “القطعيات ومواضع الإجماع التي أقام الله بها الحجة بينة في كتابه أو على لسان نبيّه، ولا مجال فيها لتطوير أو اجتهاد، ولا يحل الخلاف فيها لمن علمها“.
– (الثوابت) عند المغاربة يقصد بها تلك الاختيارات والقناعات التي كان عليها المغاربة والتي حددها علماؤهم اعتقادا وعملا وأخلاقا، بمعنى السياج الذي استقر عليه العمل بالدين لديهم.
– الفرق بين الدين من حيث هو وضع إلهي، والتدين من حيث هوكسب بشري، ونقل شرح مفيد للدكتور شيخنا السيد سعيد بيهي حفظه الله تعالى.

الدين ملحوظ فيه معنى ما وضعه الله من النظام (اعتقاديات، ووجدانيات، وعمليات، وتدبيريات)، وذلك باعتباره سبحانه دَيَّانًا يُدان له بالطاعة اختيارا فيما وضعه من ذلكم النظام، طاعة يجازي عليها صلاحا في الدنيا وفلاحا في الآخرة، فهو يتعلق غالبا بأربعة أمور موضوعة هي:
1- ما وضعه الدَّيّان سبحانه لتَعَرُّفه وعبادته ( ألست بربكم قالوا بلى )، فلا يتصور دين دون إلهٍ يُعبد؛
2- ما وضعه من نظامٍ تَعَبَّد الخلقَ به تعرفا وعبادة؛ فلا يُتصور دين دون مراعاة تشريعات المعبود؛
3- ما وضعه من الإلزام بالطاعة فيما رَتَّبَه من النظام، فلا يتصور دين دون دَيْنونة وطاعة للمعبود؛
4- ما وضعه من ترتيب الجزاء على الموقف من الطاعة ثوابا أو عقابا، فلا يتصور دين دون مجازاة من مالك يوم الدين.

والتَّدَيُّن: صيغة (تَفَعُّل) تدل على معنى بذل الجهد لامتثال ما جاء به الدين علما وعملا؛ فهو “تَكَلُّفُ الدُّخولِ اختيارا في الدين تَعَرُّفًا والْتِزامًا؛ تَشَوُّفًا لما عند المعبود”؛ ولذا تُسمى أحكام الشريعة تكاليف، ويسمى المخاطب بها مكلفا؛ أي مطالبا بأن يبذل جهده للتعرف عليها، والتزام العمل بها.

– التدين ملحوظ فيه أنه كَسْبٌ بشري يعتريه ما يعتري الكسب البشري من النقص، ولذا يؤمر صاحبه بالسعى بحسب الطاقة إما للسداد أَوَّلًا، فإن لم يتيسر فلا أقل من المقاربة ثانيا كما ورد في الحديث: ” سددوا قاربوا وأبشروا… ” (مسلم).
– ذكر مستويات متفاوتة تصادف المتدين في سعيه نحو السداد والمقاربة.
– الخصوصية المغربية في الشأن الديني تكون بمراعاة أربعة ضوابط منهجية:

1- العقيدة الأشعرية نسبة إلى إمامها ومؤسسها الإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري.
من أسباب اختيار المغاربة لها :
ــ أنها عقيدة إسلامية سنية، مستمدة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، تقدم عقيدة مبرهنة مؤصلة بالقرآن والسنة وبالأدلة العقلية المفحمة.
ــ الوسطية والاعتدال والتوفيق بين التشبيه والتنزيه، بين الأثر والتأويل. فهي وسطية بين الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط، والزيادة والنقصان، وأهلها أهل وسطية واعتدال، فهم الوسط في فرق الأمة، كما أن هذه الأمة هي الوسط في الأمم، قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
ــ الشمولية والأصالة والواقعية واستمرار الفاعلية.
ــ التوحيد وجمع الكلمة ورص الصفوف.
ــ عدم تكفير المخالف، وأنها لا تكفر أحدا من أهل القبلة، قال
ــ عدم الخروج على الأمة.
ـــ تحقيق الأمن الروحي العاصم من فتن الغلو والتطرف.

2- المذهب المالكي :
– المذهب المالكي بالمغرب ليس مجرد منهجية أصولية في الاستنباط والاستدلال الفقهي ؛ ولا هو مجموعة من الأحكام التي قال بها إمامنا مالك بن أنس رضي الله عنه، ومضى عليها العلماء من بعد متبعين، ومُخَرِّجِين عليها، ومجددين؛ وإنما هو – فوق ذلك – إرث حضاري، وثقافة اجتماعية، وهوية دينية، وقدرة تأليفية على المستوى النفسي والاجتماعي والسياسي.
– صار المذهب المالكي بالمغرب ثقافة اجتماعية، تشكلت أولا عبر التفاعل الفقهي في مجال التدين؛ مما أعطى خصوصية حضارية للأمة المغربية….

 3 التصوف المبني على المحبة:
– أثمر التصوف أثرا بالغا في تمتين الروابط الروحية، بين جميع المكونات الثقافية والاجتماعية والقَبَلِيَّةِ للمجتمع المغربي، تحت لواء واحد، هو: لواء المحبة، إذ هي غاية التربية الروحية، والسلوك الصوفي، وذلك بالسير بالمريد عبر “مقامات” التربية، و”أحوال” التزكية؛ حتى يصل إلى تحقيق خُلَّةِ “المحبة” في نفسه؛ خُلُقاً تعبديا أصيلا صادقا، يمتد في سلوكه وطبيعته إلى سائر المجالات بعد؛ بما فيها المجال الاجتماعي، والسياسي، والثقافي…

4 إمارة المؤمنين دعامة للأمن الروحي:
تُشَكِّلُ البيعة بدلالتها الشرعية في سياقها التاريخي المغربي، خاصية من أهم الخصائص المكونة للهوية الوطنية المغربية. ومن ثم فإنه لا نجاح لأي خطاب ديني إلا بالدخول تحت ظلالها ، فإمارة المؤمنين بدلالتها الدينية – كما تحققت تاريخيا بالمغرب – قامت على بيعة أدمجت حق الله وحق الرحم تماما كما في قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) .
– ففي ظروف اهتزاز كثير من الثوابت السياسية في العالم المعاصر، وما كان لها من آثار مختلفة على كثير من البلاد العربية والإسلامية بقي المغرب بحمد الله في أمن وأمان؛ لما تحقق له من أمن روحي؛ بسبب هذه الطبيعة السياسية المندمجة في الفضاء الديني السمح، القائم على عقد البيعة. وما كان عقد البيعة في حقيقته إلا رابطا قلبيا على المستوى الوجداني…
– إن مفهوم (إمارة المؤمنين) في النظام الإسلامي، مصطلح شرعي، معناه: القيام على شؤون الرعية بما يصلحهم دنيا وأخرى؛ وهي: أعلى منصب في نظام الحكم الإسلامي..
– ينص الدستور المغربي بأن “الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الملة والدين والساهر على احترام الدستور وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة”.
ـــــــــــــــــــ
رابط صفحة الإمام والباحث الزياني محمد

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.