رشيد المباركي. دين بريس
أفادت منابر إعلاية فرنسية أنه في أعقاب جريمة مروّعة ارتكبها تلميذ بحق مشرفة تربوية في إحدى مدارس نوجان، أعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح النقاش حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، داعياً إلى حظر استخدامها لمن هم دون سن الخامسة عشرة. غير أن خبراء عدة يدعون إلى توخّي الحذر في الربط بين العالم الرقمي وأفعال العنف.
اعتبر إيمانويل ماكرون أن هذه المنصات تسهم في تصاعد العنف بين الشباب. من جهتها، أيّدت وزيرة التربية الوطنية إليزابيث بورن هذا الموقف، مشيرة إلى أن هذه الشبكات “تُطبع العنف” وتُفقد المراهقين معالمهم وقيمهم تحت وطأة التعرّض المفرط للشاشات. لكنّ المدعي العام المكلّف بالقضية أشار لاحقاً إلى أن المشتبه به لا يستخدم وسائل التواصل إلا نادراً، ما يضعف هذه الفرضية.
رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تُستخدم لتنظيم التجمعات أو الترويج لسلوكيات عنيفة من خلال خوارزميات موجهة، إلا أن المختصين يُجمعون على عدم وجود دليل علمي مباشر يُثبت وجود علاقة سببية بينها وبين ارتكاب أفعال عنف.
“اعتبار الشبكات الاجتماعية وحدها مسؤولة عن العنف هو إغفال لجوانب الصحة النفسية في سن المراهقة”، يقول عالم النفس ميكائيل ستورا، موضحا أن حالات الخلط بين الواقع والافتراضي لا تحدث إلا في سياقات نفسية مرضية شديدة. كما تؤكد الباحثة آن كوردي أن المحتوى العنيف في هذه المنصات يُجاور كذلك محتويات إيجابية وتربوية. “الأهم هو السياق الذي تُستخدم فيه هذه .
تشير تقارير ودراسات مثل تقرير اليونسكو (2018) وتقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي (2022) إلى أن الشبكات قد تُستخدم كأدوات لتسهيل بعض الأفعال، لا كمحرّك رئيس لها. وتلفت أبحاث أخرى إلى وجود عوامل أعمق وأكثر تعقيداً، منها: النوع الاجتماعي (93٪ من الجناة القُصّر ذكور)، والبيئة الأسرية أو السكنية، والمشكلات المعرفية مثل ضعف السيطرة على الغضب أو انخفاض مستوى الذكاء.
وسائل التواصل الاجتماعي قد تساهم في تأطير أو تسهيل سلوكيات عنيفة، لكنها ليست سببا مباشرا لها، بل جزء من منظومة معقّدة تتداخل فيها عوامل نفسية واجتماعية وتربوية.