سمير رزقي
لا يمكن اليوم للمتتبع للشأن السيّاسي على الساحة المغربية أن لا تستوقفه حالة الشرود التي هي عليها اليوم جماعة العدل والإحسان بخصوص عدم التصريح بأي موقف من العملية الشرعية التي قامت بها القوات المغربية لتحرير الممر التجاري للكركرات.
صمت مطبق على أفواه اعتادت الخروج علينا بين الفينة والأخرى بتصريحات لانتقاد المشهد السياسي والاجتماعي المغربي.
واليوم وأمام هذه القضية الوطنية الهامة التي تخلّى فيها الجميع عن المناوشات السياسية الداخلية لرصّ الصفوف أمام المناورات الفاشلة لمرتزقة البوليساريو ومواجهة التحديات الخارجية للمملكة، أبت جماعة العدل والإحسان إلا أن تسير عكس التيار، كالمعتاد. هكذا اختار منظرو الجماعة الصمت كجواب وحيد على التطورات الأخيرة والمهمة على الساحة الوطنية.
بالنظر لتاريخ الجماعة، لا يمكن اليوم اعتبار انعدام التعبير عن موقفها من قضية الكركرات كهفوة أو عدم اكتراث أو لا مبالاة. بل على العكس، لغة الصمت هي في حد ذاتها موقف واضح لهذه الجماعة التي جعلت من أنانيتها خطا منهجيّا لا محيد عنه. صمت يغني عن الكلام.
إن صمت الجماعة هو امتداد لمواقفها السابقة لتؤكد من جديد، إذا كان هناك مجال لشك، على أنها لم تكن يوما حاملة لهموم الشعب المغربي وللتحديّات التي يواجهها. ففي منهاج جماعة العدل والإحسان، بغض النظر عن المنامات والرؤى التي ينبني عليها الفكر “الياسيني”، تعتبرالجماعة نفسها بأنانيتها المستعلية هي الاختيار الوحيد للمجتمع “الإسلامي” الذي تصبو إليه. وبذلك تلغي كافة التيارات والمشارب التي تشكل قوة المجتمعات وعلى رأسها المملكة المغربية. إن تجرد الجماعة من دعم القضية الوطنية ليس سهوا أو نسيانا، بل هو موقف واضح ليس فقط تجاه القضية الوطنية، بل هو رفض لكينونة وجوهر الشعب المغربي قلبا وقالبا.
فإذا لم تستطع الجماعة اليوم وضع خلافاتها مع الدولة جانبا والخروج بموقف مشرف فلأنها كانت ولاتزال تغرد خارج السرب. لكن السؤال هو: هل يستطيع الشعب المغربي أن يغفر لهذه الجماعة هذه الخيانة في حين كانت تطل علينا من حين لآخر ببيانات عن التعليم والصحة وإلخ؟ أنّى يكون الحديث إذا لم يكن عن أمن واستقرار المملكة كما هو الحال في الكركرات، إلا إذا كانت لهذه الجماعة نيّة أخرى!!!
صمت الجماعة :تحييد أم عدم تأييد؟
إن تحدي الكركرات اليوم لم يدع لجماعة العدل والإحسان إلا خيارين إثنين أحلاهما مرٌّ. فإذا كانت الجماعة أرادت بهذا الصمت أن تحيد بنفسها عن التعبيرعن موقفها تجاه هذه القضية الوطنية، فمعنى ذلك أنها لم ولن تشارك الشعب المغربي همومه اليومية وقضاياه المصيرية. لأن همّ الجماعة هو فقط الجماعة وليس المغرب وشعبه. فهي “تضمر مالا تظهر”، ربما هي التقيّة التي ربت عليها الجماعة شبابها.
ماذا عن الاختيار الثاني “عدم التأييد”؟ إن الإجماع الوطني على تأييد المسار المغربي في قضية الكركرات، ربما يفسر أن لهذه الجماعة موقف مختلف! لا أحد غير قيادات الجماعة يملك الجواب. ويبقى السؤال:
إلى متى ستبقى الجماعة في حالة شرود؟ متى ستخرج من رباطها وتستفيق من سباتها؟ متى تصرِّح بصدق عن حقيقة مواقفها؟
صمت جماعة العدل والإحسان عن القضية الوطنية يغني عن أي جواب..
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12221