25 يوليو 2025 / 18:52

لم تكن مناظرة وإنما مكاشفة مؤلمة مع سطحية التفكير

ياسمين الشاوي

هل كانت مناظرة؟ أم مرآة لجهل البعض أو الكثير؟
ما حدث لم يكن مجرد مناظرة، وإنما كشف مؤلم لسطحية التفكير لدى كثيرين.
فمن الطبيعي أن يختلف الناس في تقييم الأفكار ، لكن من غير المقبول أن تبنى الأحكام دون أدنى إطلاع، أو بناءً على تصورات مسبقة ملونة بالأيديولوجيا، لا مستندة إلى الموضوعية.
ما نراه اليوم في الفضاء الرقمي لا يشبه الحوار، وإنما يشبه تكرارًا آليًا، ونسخًا ولصقًا بلا فهم، ثم مشاركة عشوائية تعيد إنتاج الأحكام الجاهزة.
والأدهى أن هذا التفاعل غالبًا ما ينطلق من مواقف أيديولوجية معارضة لعصيد ، مهما قال، حتى وإن كان محقًا.
فالمعيار لم يعد هو الفكرة، وإنما الموقف المسبق منها.
ومن اللافت أن كثيرين ممن رددوا : “لحلو جلد عصيد”، لا يتقنون اللغة الفرنسية أصلاً، وهي اللغة التي دارت بها المناظرة.
والأغرب من ذلك أن أغلبهم لم يشاهد الحوار أساساً، ولا يدري ما طرح فيه من أفكار أو نقاشات.
تسأله : “ما الذي قيل؟ ما الذي نوقش؟”، فيجيب بثقة الوهم : “لا أعلم، جلده”.

إنها الذهنية نفسها التي تنظر إلى العلم وكأنه مؤامرة على المسلمين
وتصدر أحكامًا قاطعة على ثقافات وشعوب لم تقرأ عنها شيئًا، ناهيك عن زيارتها أو اختبارها عن قرب.

إن المشكلة لا تكمن في اختلاف الآراء ، وإنما في خفة العقول، وتسارع الأحكام، وضيق الأفق.

أصحاب الأيديولوجيا كثيرًا ما يتعاملون مع العلم أو المعطيات العلمية بانتقائية مقلقة. فهم لا يأخذون منها إلا ما يوافق أفكارهم ، ويضربون بالباقي عرض الحائط.

أصحاب التوجهات الأيديولوجية يختارون المعلومات التي تؤيد أفكارهم فقط، ويتجاهلون أو يرفضون ما يعارضها، حتى لو كان مدعومًا بأدلة قوية.
هذه الظاهرة معروفة في علم النفس المعرفي باسم “التحيز التأكيدي” (Confirmation Bias)، أي ميل الإنسان للبحث عن ما يؤكد رأيه فقط.

ملحوظة :
هذا ليس دفاعًا لا عن عصيد ولا عن لحلو، كما يفعل كثير من مؤيدي كل طرف.