في حوار أجرته الباحثة “بلاندين شيليني-بونت”، أستاذة التاريخ المعاصر والعلاقات الدولية بجامعة إيكس-مرسيليا، مع موقع iris-france، أكدت أن الدين يشكل جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة.
وأوضحت أن العلاقة بين الدين والدولة تأسست على مبدأ حرية العبادة ورفض وجود دين رسمي، وهو ما أتاح للتنوع الديني الازدهار وأسهم في تداخل الدين بالسياسة بشكل واضح.
وأشارت شيليني-بونت إلى أن الدين لعب دورا محوريا في تشكيل القيم والممارسات السياسية على مر التاريخ الأمريكي، فقد دعم النشاط الديني قضايا مثل مكافحة العبودية والعنصرية والدفاع عن حقوق المرأة والتعليم.
ومع ذلك ـ تضيف الخبيرة ـ فإن جانبا كبيرا من المحافظة الدينية ظل مرتبطا بالتيارات اليمينية، حيث اعتمد الحزب الجمهوري على دعم المسيحيين البيض المحافظين، بما في ذلك الطوائف الإنجيلية والبروتستانتية التقليدية والكاثوليك المحافظين، وفي المقابل، وجد الحزب الديمقراطي دعما بين الفئات الأقل التزاما دينيا، والمجموعات التقدمية، والأقليات الدينية غير المسيحية.
وأضافت أن السنوات الأخيرة شهدت تغيرات كبيرة في ولاءات الناخبين الدينيين، فقد بدأت بعض الطوائف الإنجيلية اللاتينية والأفريقية الأمريكية بالابتعاد عن الديمقراطيين بسبب مواقفهم التقدمية بشأن قضايا مثل زواج المثليين، وفي الوقت نفسه، وجدت مجموعات دينية مثل الكنائس المستقلة الصغيرة نفسها أكثر قربا من “ترامب” (فائز في الانتخابات الاخيرة)، مما عزز دعمها للحزب الجمهوري.
كما كان للصراع في غزة تأثير كبير على العلاقة بين الديمقراطيين وبعض الناخبين الدينيين، حيث أبدى المسلمون والمسيحيون العرب استياءهم من موقف الحزب الديمقراطي تجاه القضية الفلسطينية، مما أسهم في تراجع دعمهم لكامالا هاريس (انهزمت في الانتخابات)، كما أفادت الباحثة.
وتطرقت الباحثة إلى تحول ملحوظ بين بعض اليهود العلمانيين، الذين كانوا تقليديا داعمين للديمقراطيين، نحو ترامب بفضل مواقفه القوية المؤيدة لإسرائيل، في المقابل، واصلت الكنائس المؤسسية الكبرى، مثل الكنائس البابتسية السوداء والمجتمعات الكاثوليكية التقدمية، دعم الديمقراطيين، رغم أن هذا الدعم يشهد تراجعا بسبب تغير المواقف السياسية والاجتماعية.
واختتمت شيليني-بونت بالقول إن الدين يشكل عاملا محوريا في الحملات الانتخابية الأمريكية، حيث يسعى المرشحون لاستغلال القيم الدينية لتحفيز الناخبين وحثهم على المشاركة في التصويت، وتشكل الانتخابات الرئاسية اختبارا حقيقيا لهذه العلاقة الديناميكية بين الهوية الدينية والممارسات السياسية.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=21850