كيف هزم زهران ممداني نُخبة نيويورك وفاز بمنصب العمدة؟
رشيد المباركي
تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” قصة صعود زهران ممداني الذي تمكن في عمر الرابعة والثلاثين من تحقيق فوز مفاجئ أطاح بالنظام السياسي التقليدي في المدينة، بعد تغلبه على الحاكم السابق أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية، ثم فوزه بمنصب العمدة عبر مزيج من التحدي والمصالحة مع النخبة التي حاولت إقصاءه. وأشارت الصحيفة إلى أن فوز ممداني مثل انقلابا في موازين القوى داخل نيويورك، إذ نظر إليه كبار رجال الأعمال والساسة باعتباره “استحواذا عدائيا” على مؤسسات المدينة. فبينما تحركت شخصيات بارزة، بينهم مقربون من كومو، لمحاصرته سياسيا، واجه ممداني حملة تهديدات من النخبة الاقتصادية التي تعهدت بإنفاق مئات الملايين لإسقاطه.
ورغم أن بدايته في استطلاعات الرأي لم تتجاوز 1%، استطاع ممداني بناء تحالف جديد جمع بين فقراء كوينز وطبقة الشباب التقدميين في بروكلين، مستندا إلى أزمة السكن وارتفاع تكاليف المعيشة. وقد شكلت حملته، كما توضح الصحيفة، تحديا مباشرا للمؤسسات الإعلامية والنقابية والحزبية التقليدية، معتمدة على تفاعل مباشر مع الناخبين من خلال فعاليات شعبية ومحتوى رقمي جذاب بعيدا عن التمويل الكبير.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية، واجه ممداني ضغطا هائلا من النخبة، خاصة عقب حادث إطلاق نار في مانهاتن استغله كومو لمهاجمته بسبب مواقفه السابقة من الشرطة، إلا أن تعامل ممداني مع الأزمة — بحضوره جنازة الشرطي المسلم الضحية وتأكيده أن مواقفه حول إصلاح جهاز الشرطة تطورت — أعاد له زمام المبادرة وأظهره، بحسب أحد مستشاريه، “كعمدة حقيقي للمدينة”. وفي مرحلة ما بعد الفوز التمهيدي، أدرك ممداني أن نجاحه في الانتخابات العامة يتطلب تهدئة خصومه. فبدأ حملة اتصالات مع رموز الأعمال مثل لاري فينك وويليام رودين، مقدما وعودا بتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية دون المساس بالمصالح الاقتصادية الحيوية. ووصفت كاثرين وايلد، رئيسة إحدى مجموعات الأعمال، لقاءاته بأنها “هدأت الهلع بدرجة كافية” كما أجرى ممداني مصالحة مع حاكمة الولاية كاثي هوكول، معتذرا عن انتقاداته السابقة لها، واتفقا على التعاون في قضايا الطفولة والتعليم.
ومع ذلك، ظل موقفه من قضايا مثل غزة وإسرائيل مثيرا للجدل ويثير انقساما داخل حملته؛ فرفضه إدانة شعار “عولموا الانتفاضة” أثار قلق المؤسسات اليهودية في المدينة ودفع مايكل بلومبرج إلى تمويل حملات دعائية ضده قبل أيام من التصويت. لكن قبيل الانتخابات بأيام، كانت صورته قد ترسخت كرمز لجيل جديد من السياسيين التقدميين.
التعليقات