عبد الحميد بولمان
مع ظهور كرونا برز في الساحة مجموعة من الخصوم، يقومون بتصفيات حسابات قديمة وضيقة ، بطرق أقل ما يمكن ان توصف به هي الغباء ، فقد رأينا طرح مجموعة من الاسئلة والاشكالات من قبيل، ماذا قدمت الزوايا والأضرحة في زمن كرونا ؟ وماذا قدمت مساجد المملكة الآن التي يفوق عددها 45000 مسجد لدفع كورونا ؟ وغيرها من الاسئلة التي تخبرنا عن جهل غريب يحمله هؤلاء ، وقد يكون جهلا مركبا بتعبير المناطقة، حيث يجهل ويجهل أنه لا يجهل ، أما اذا كان بسيطا فأمره سهل .
وهؤلاء بدل أن يكونوا صادقين في طرح هذه الاشكالات ويقولوا صراحة للدولة اهدمي هذه المساجد والأضرحة والزوايا فهي لا تفيدنا في شىء. بدل ان يقوموا بهذه التصريحات قدموها في شكل إشكالات، حتى يدفعوا عنهم التهم ، لأننا إذا حللنا ، منطوق كلامهم ومفهومه ، نكتشف هذه النتيجة ونحن نقول لهم ، تبعا لمنطقهم هذا:
إذا طرحتم هذه الاشكالات فعليكم أن تكملوا سلستها وتقولون أيضا ، ماذا قدمت المدارس المغلقة الآن ؟ ماذا قدمت المصانع المغلقة الأن؟ ماذا قدمت انت الآن ؟
ماذا قدمت الشركات والمصانع الكبرى المتوقفة في أكبر دول العالم عامة ، وداخل المغرب خاصة ، لدفع كرونا الآن؟ والسلسلة طويلة ، جدا وليقس مالم يقل.
أرجع بك الى السؤال الاول ماذا قدمت الزاويا والأضرحة ، لنجيب عن هذا السؤال لابد أن أرجع بك الى القرن السادس الهجري والسابع لتقرأ شيئا قليلا عن زاوية ابي محمد صالح الاسفي ت 631 هجرية ، وعن هذا العالم الجليل الذي قدم للعالم الاسلامي عموما ، والمغرب خصوصا خدمات جليلة، تتمثل في إنشاء زاويا ، وربط ، يقدم من خلالها خدمة الرحلات الى الحج في زمن كان فيه الأمن ، قليلا وانتشرت الفتن، وأفتي بتعليق الحج ، وإسقاطه على المغاربة ، فجاء الرد من فقيه زاوية صوفي مصلح ، وأنشأ شبكة من هذه الزاويا . من المغرب الى مكة المكرمة ، ذكر أهل التاريخ انها بلغت 30 الى 40 زاوية كل هذا ليذهب الحاج آمنا مطمئنا ، وهي خدمة مجانية لايبتغي فيها جزاء ولا شكورا ، وإنما هي خدمة دينية وطنية اجتماعية.
اذا عرفت هذا وانصحك بقراءة كتب حول هذه الشخصية المغربية منها:
1: المنهاج الواضح في تحقيق كرامات ابي محمد صالح وهو محقق موجود لحفيده سيدي احمد الماجري ت في صدر المائة الهجرية الثامنة
2: وكتاب العلامة الكانوني : آسفي وما اليه
لتعرف شيئا قليلا عن رجالات المغرب وزاواياهم أنتقل بك الى زاوية اخرى للعارف بالله سيدي أبي يعزى يلنور الخنفري البربري ت 572 هجرية وزاويته مشهوة هناك لتعرف ادوارها التي قامت بها في المجتمع المغربي ومنها على سبيل المثال:
1:إطعام الطعام الكثير للزوار.
2:معالجة المصابين بالامراض والعاهات.
3:اصلاح ذات البين
4: اعمال الليالي بقراءة الاذكار وقراءة القرآن.
هاتان زاويتان في القرون الاولى بداية تشكل الزاويا والمدارس، في المغرب وبين هذه القرون وعصرنا زمن كبير وطويل يتمثل في 9 قرون او 8 ، فتمعن جيدا في أن كل الزاويا هي على هذا الشكل ، تقوم بهذه الادوار والوظائف ليل نهار ، وسأعطيك نبذة عامة عن ادوار هذه الزوايا في المغرب عبر هذه القرون في اربع نقاط:
النقطة الاولى: الدور الديني
النقطة الثانية الدور الاقتصادي
النقطة الثالثة : الدور الاجتماعي
النقطة الرابعة : الدور التعليمي
النقطة الخامسة: الدور السياسي
إن الزاوية المغربية ليست بناية ترابية جامدة ومنغلقة حول نفسها فحسب ، بل هي مؤسسة نشيطة وفعالة في المجتمع المغربي طيلة الزمن ، وهذا ما ستجلى لنا في هذه الجولة القصيرة عن ادوارها التي تؤديها.
النقطة الاولى الدور الديني :
يتمثل قيام الزاوية بهذه المهمة في نشر الاسلام وبث تعاليمه وتنظيم مواسم دينية تقوم فيها العقائد ، وترسخ فيها لدى عامة الناس ، وتتمثل دور الزاوية كذلك في تنظيم الجهاد وتأطيره وتأطير السفر، الى الحج كما سبق آنفا زاوية ابي محمد الاسفي أنموذجا.
النقطة الثانية : الدور الاقتصادي
ويتمثل في غرس الاشجار ، وحفر آبار المياه ، والري، وتنيظم امور الاحباس ، وتوزيع غلاتها بشكل عادل ، وغيرها من الامور.
النقطة الثالثة : الدور الاجتماعي
ويتمثل في مجموعة من الامور منها توفير الايواء لعدد من ابناء السبيل ، وتأمين الطرق ، واطعام الطعام.
النقطة الرابعة : الدور التعليمي
ويتجلى في مايلي :نشر حفظ القرآن الكريم ، وبناء المدارس العليمة ، وانشاء الخزائن ، وتعميرها بالكتب العلمية.
النقطة الخامسة: الدور السياسي
ويظهر في ضمان الولاء للإمامة العظمى، والتوسط بين الحاكمين والمحكومين وذلك بأساليب الشفاعة ، ويمكن الرجوع الى ما كتبه الدكتور سيدي احمد التوفيق وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية حول هذا الموضوع في معلمة المغرب .
واذا تبين لك أن هذه الزوايا مهمتها كبيرة وعظيمة في تاريخ هذا البلد الامين سأنتقل بك الى الجواب عن سؤال ماذا قدمت المساجد وما دروها وذلك في منشور مقبل؟..
المصدر : https://dinpresse.net/?p=7486
محمد يوكينمنذ 5 سنوات
وفقك الله سي عبد الحميد على ما فيه الخير وصلاح الأمة الاسلامية؛ فهذا ذأبُ المجتهدين متلكم؛ أما قضية المساجد وكرونا، فإنها قضية شائعة، فكل الحاقدين على الإسلام ورجاله يُصفِّقون لذلك المنكر!!
فالمساجد وما نتج عنها من الاهتمام بالقرآن والسنة والتصوف هو الذي حفظ بلادنا ولا يزال يحفظها بقيادة أمير المومنين محمد السادس نصره الله وأيده.