د.يوسف الحزيمري
تأسست كلية أصول الدين بمقتضى الظهير الشريف رقم:1622434 بتاريخ12 رمضان 1382هـ ( 16 فبراير 1963م ) الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2749، الذي نص على أن جامعة القرويين تشتمل على أربع كليات منها كلية أصول الدين بتطوان . إلى حدود 25 يونيو 2015 ، حيث صدر بالجريدة الرسمية عدد 6372 ظهير شريف رقم 1.72.75 الصادر بتاريخ 7رمضان 1436هـ الموافق ل 24 يونيو 2015 يقضي بإعادة تنظيم جامعة القرويين والذي حدد المؤسسات والمعاهد التابعة لها حيث أصبحت الكلية تابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان.
ومنذ تأسيسها وإلى الآن رفدت الكلية -بفضل خيرة العلماء الذين تصدوا للتدريس بها- الفكر الإسلامي المغربي المبني على الوسطية والاعتدال، والمؤسس على ثوابت في العقيدة والفقه والسلوك، -العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف الجنيدي- المؤطرين لتدين المغاربة، وباختيار قاعدة البيعة الشرعية لإمارة المؤمنين.
وتتوفر الكلية على ثلاثة أسلاك؛ “سلك الإجازة” ويتضمن مسلكين :
مسلك أصول الدين والدراسات القرآنية والحديثية
مسلك الفكر الإسلامي والفلسفة وعلوم الأديان.
و”سلك الماستر” حيث تتوفر الكلية على خمسة مسالك للماستر :
ماستر العقيدة والفكر في الغرب الإسلامي
ماستر أصول الدين والدراسات الشرعية بالغرب الإسلامي
ماستر الفكر والحضارة بالمغرب
ماستر العلوم الإسلامية : مناهج الاستمداد وآليات التجديد
ماستر الفكر المقاصدي والاجتماعي في السياق المعاصر
ثم “سلك الدكتوراه” وتتوفر الكلية على مركز دكتوراه بعنوان: “الدراسات العقدية والفكرية” يتضمن تكوينين:
التكوين الأول : العلوم العقدية والفكرية في الغرب الإسلامي
التكوين الثاني : التراث الكلامي والأصولي والصوفي في الغرب الإسلامي.
وإذا نظرنا إلى الأهداف المسطرة بالنسبة لماستر: “العقيدة والفكر في الغرب الإسلامي” والذي ينسقه الدكتور: محمد الفقير التمسماني (عميد الكلية)، وماستر: “الفكر الإسلامي والحضارة بالـمغرب” والذي ينسقه الدكتور: توفيق الغلبزوري (أستاذ بالكلية ورئيس المجلس العلمي المحلي للمضيق الفنيدق)، وماستر: “أصول الدين والدراسات الشرعية في الغرب الإسلامي” والذي ينسقه الدكتور: محمد الشنتوف (أستاذ بالكلية ورئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة تطوان)، نجد من بين الأهداف المشتركة إقدار الطلبة على المعرفة المعمقة بالمباحث الأساسية في العقيدة والفكر، وتمكينهم من المناهج والطرائق المعتمدة في الاستدلال والجدال في العقيدة والفكر، والتحقق من مناهج البحث وأساليب العلماء في التصنيف والتأليف تنظيرا وتدريبا، والدراسة العلمية المعمقة للعقيدة الأشعرية: أصولها ومصادرها وأعلامها، والاطلاع على جهود المغاربة في خدمة المذهب المالكي ونشره .
وأيضا بالنظر إلى الأهداف المعلن عنها لمركز الدكتوراة بالكلية، عبر تكوينيه؛ الأول : العلوم العقدية والفكرية في الغرب الإسلامي، والثاني: التراث الكلامي والأصولي والصوفي في الغرب الإسلامي، نجد من بين تلك الأهداف:
إحياء المنهج العقدي المتميز الذي رسمه الإمام مالك رحمه الله من خلال مدارسته والتعرف على الظروف والأحوال التي عرفها، والتطورات التي لحقته وذلك لما له من أهمية بالغة في العصر الحاضر إذ حاجة الأمة ماسة إلى ما يضبط الأفكار والتصورات، يكون منقذاً لها من هذا الانفلات والانحراف الذي جلب عليها الرزايا والمصائب والنكبات. فصاحب المنهج الإمام مالك هو حامل راية الدعوة إلى المنهج الوسطي في عصره، كان له فضل السبق في جمع الشمل وتوضيح المنهجية السليمة في المعتقد والفكر والنظر والاجتهاد، وهذا ما شهد به أئمة عصره…
تمكين الطالب الباحث بالمنحى والمسلك الذي انتهجه الإمام أبو الحسن الأشعري في دراسة قضايا العقيدة وتوجيه الآراء والتصورات الفكرية، فمن العقيدة الأشعرية يستمد الفكر المغربي تصوراته واختياراته، ومعلوم أن المغاربة أجمعوا على اختيار طريقة الإمام أبي الحسن الأشعري باعتباره أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتلخيصها، ودفع الشكوك والشبه عنها، وإبطال دعوى الخصوم وجعل ذلك علماً مفرداً بالتدويـن.
تعميق البحث والدراسة في منهج التصنيف في علوم العقيدة والفكر لدى علماء الغرب الإسلامي، وذلك من خلال :
– ضبط المفاهيم والمصطلحات والضوابط التي يتأسس عليها المنهج.
– توضيح الخصائص والآثار.
وكذا: إبراز ما يزخر به الغرب الإسلامي وما يتميز به تراثه من درر في مجالات علم الكلام والأصول وعلم السلوك، وتناولها بالدراسة والبحث، والكشف عن مناهجها ثم الاستفادة منها في ضبط تصورات العقيدة والمعاملات والسلوك في المجتمع .
تخريج باحثين لهم القدرة على الاستدلال والمناظرة والتنظير وفق المذهب الوسطي المعتدل؛ الذي تميز به علماء الكلام والأصول والتصوف في الغرب الإسلامي وغيرهم، لمواجهة التحديات العقدية والفكرية المعاصرة التي تهدد وحد الأمة وأمنها واستقرارها كالتطرف والإرهاب والتشيع .
اكتساب الباحثين ملكة الحجاج، والمناظرة، والاستنباط، وتوظيفها في الذود عن المنظومة العقدية والفكرية المغربية من الشبهات، ودفع الاعتراضات، والدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها.
إبراز الإبداع المغربي في التراث الكلامي، والأصولي، والسلوكي، وخصائصه ومميزاته وأثره في حماية الأمن العقدي والفكري والسلوكي للمغاربة.
ومن ثم سطرت موضوعات البحث في مصادر العقيدة الأشعرية وأصولها، ومضمونها، وجهود علماء الغرب الإسلامي في خدمتها، والعقيدة الأشعرية والثوابت المغربية، ودخول العقيدة الأشعرية للغرب الإسلامي -الأسباب والمقاصد-، ومنهج المتكلمين في الغرب الإسلامي، وإبداعاتهم في التصنيف العقدي، ومناهج الفكر المغربي وسماته ومراحله، وأصول الاستدلال العقلي والحجاج الفكري، ومناهج العلماء في المناظرات الفكرية، الدراسات التحليلية للمصنفات العقدية، وأثر العقيدة في التربية والتوجيه، ومناهج علماء الغرب الإسلامي في الحوار الفكري، ودراسة نقدية لأشهر التيارات التي عرفها تاريخ المغرب، وأثر علم الكلام في الدراسات الشرعـية، والقضايا العقدية في تفاسير علماء الغرب الإسلامي، والمناظرات الفكرية وأخلاقيات الحـوار، وأعلام الفكر العقدي في الغرب الإسلامي، والقضايا الفكرية المعاصرة وتأصيلها في الفكر الإسلامي، وتطوير البحث في الدرس العقدي المغربي، وصلة العقيدة بالمنطق والفلسفة وموفق علماء الغرب الإسلامي منها،وحوار الأديان والحضارات، وإشكالية ترجمة النصوص العقدية.
قلت: إن الناظر في أهداف الماسترات ومركز الدكتوراة بكلية أصول الدين بتطوان التابعة لجامعة عبد الملك السعدي، لا يسعه إلا تثمين الجهود التي يظطلع بها عميد الكلية وأطر التدريس بها -وهم من خيرة العلماء والشباب الباحثين- في تنزيلها على أرض الواقع، وهو الأمر الحاصل الآن، وظهرت ثمراته على مستوى البحث العلمي الأكاديمي، من خلال البحوث المنجزة والمناقشة بالكلية، وأغلبها حاز على توصيات بالطبع وبتقديرات مشرفة، وبعضها طبع، وأغنى المكتبة العقدية الأشعرية، والفقهية المالكية، والصوفية الجنيدية بالمغرب، واستفاد منه الباحثون والمهتمون من خارج المغرب.
هذا بالإضافة إلى الإشعاع العلمي التي تتميز به الكلية من خلال المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي نظمتها إما منفردة، أو بالتنسيق والمشاركة مع الجهات والمراكز البحثية داخل المغرب وخارجه، والتي لها نفس الاهتمامات العلمية الأكاديمية.
كانت تطوان عبر تاريخها معقلا للعلوم والمعارف، وثغرا من ثغور المرابطة في مواجهة التيارات المنحرفة عن جادة الطريق الوسط الأعدل، وهي الآن من خلال كليتها العتيدة أصول الدين، تخرج لنا باحثين مؤهلين منافحين عن الثوابت والاختيارات المغربية، ومكرسين لمظاهر التدين المغربي الذي تميز به المغاربة عبر التاريخ تحت عنوان الوسطية والاعتدال والتسامح.
Source : https://dinpresse.net/?p=16721