زعيم الخيرالله
لَعَلَّ البعضَ يستغربُ هذا العُنوانَ متسائلاً …. وهل للحريةِ قُيُودٌ واشتراطاتٌ ؟ هذا وقد عُرِّفَتِ الحُرِّيَّةُ بأَنَّها : غَيابُ كُلِّ اكراهٍ داخِلِيٍّ أَو خارجِيٍّ . وقد عَرَّفَها هوبز بأَنَّها: ” غيابُ القيودِ الخارِجِيَّةِ التي تحولُ بينَ الانسانِ وفعلِ مايُمليه عليهِ عقلُهُ وحكمتُهُ “.
وبعض قال: ” ان الحريَّةَ هي مسايرةُ الانسانِ للطبيعةِ “، فاذا ساير الانسانُ الطبيعةَ يكون حُراً، واذا سايرَ القانونَ لايكونُ حُراً. اما سقراط فقد لَخَّصَها في كلمتين، وقال بأنَّها: ” فعلُ الافضل”. الكتّابُ المسيحيون ربطوا الحريّةَ بالخطيئة حسبَ المفهوم الكنسي للخطيئة .
الحريَّةُ عندَ الفيلسوفِ الالمانيِّ ” هيغل” تتحقق من خلال الالتزام بالواجب.
هل يمكننا تصور الحرية بلا قيودٍ ولااشتراطاتٍ؟
البعضُ قد يرى الحريَّةَ بأَنَّها المعادِلُ للانفلات والفُوضى والانطلاق في ممارسةِ الاشياء بلا قيودٍ ولاحدودٍ.
وهذا الفهمُ ليسَ صائباً ؛ اذ اننا لو اعتبرنا الحريةَ فضيلةً بالمعنى الارسطي للفضيلةِ والتي تعني الوسط بين رذيلتين ، فهي تتوسط بين رذيلة القمع ورذيلة الانفلات والفُوضى ؛ وعليه لايمكن ان نتصور الحريَّةَ بلاقيودٍ ولاتحديداتٍ ولاشرائط ولاظروف ، بل كل هذه القيود هي من ضروراتِ الحُرِّيَّةِ ومن لوازمها.
السمكةُ تعيش حرةً في داخل الماء الذي هو شرطُ حريةِ السمكةِ، وقيدُ حريتها، هذا القيدُ ضروري ولازمٌ لحريّةِ السمكة، ولايمكننا ان نتصور حريّةَ السمكة دون هذا القيد ؛ فلو اخرجناها من الماء لاختنقت وماتت ؛ اذن : حريَّةُ السمكةِ في قيدها وشرطها وظرفها المحيط ، وكذلك الامر مع النبتةِ التي نغرسها في الارض، فحريةُ هذه النبتة بقيودها وشروطها، وهذه الشروط هي التربة والشمس والهواء والماء، بدون هذه القيود والاشتراطات تموتُ النبتة ، ولاتعيش حريَّتَها الا ضمن هذه القيود الضروية لتمارس حريَّتَها لتكون شجرةً باسقةً وارفةَ الظلال.
فلا معنى لاولئك الذين يخدعون شبابنا بكلمات الحرية المعسولةِ مصورين لهم الحريةَ بأَنَّها الانفلات والتحرر من كل قيد.
والكائن الانسانيُّ لابدَّ أن توضعَ قيودٌ على سلوكهِ ؛ اذ انه لايتحرك في فراغ بل يتحرك في مجتمع يخضع لقيود وضوابط وقوانين.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=15971