د. خالد الشرقاوي السموني ـ مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية
صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بمقتضى قراره رقم 2654 بتاريخ 27 أكتوبر 2022، على تمديد مهمة المينورسو في الصحراء المغربية لمدة عام آخر، بأغلبية 13 صوتا مؤيدا وامتناع روسيا وكينيا عن التصويت.
ويمدد القرار الجديد مهمة البعثة إلى غاية 31 أكتوبر 2023، ويدعو الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات التي عقدت آخر مرة في عام 2019، ويدعم جهود المبعوث الخاص للصحراء ستيفان دي ميستورا. كما يدعو إلى إيجاد حل سياسي وعادل ودائم ومقبول من الطرفين على أساس التوافق.
مرة أخرى لا يذكر القرار الاستفتاء لتقرير المصير، وهذا في صالح لمغرب، من جهة أخرى يدعو مجلس الأمن بمقتضى قراره الجزائر وموريتانيا كطرفين رئيسيين بشكل عاجل على المشاركة في العملية، في إطار الموائد المستديرة ، وهو أمر أكثر انسجاما أيضا مع موقف المغرب، وبذلك تنتظر الأمم المتحدة من الجزائر توضيح موقفها الرسمي من النزاع باعتبارها طرفا أساسيا في القضية.
فقرار مجلس الأمن يكرس بشكل لا رجعة فيه تفوق ومصداقية وجدية المخطط المغربي للحكم الذاتي، مما يفيد إعادة التأكيد على الدعم الهائل من المجتمع الدولي للحل السياسي المتضمن في المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وهكذا صارت هذه المبادرة الذي تقدم بها المغرب سنة 2007 كحل سياسي للنزاع الدائر حول الصحراء المغربية تجد لها أصداء إيجابية لدى المجتمع الدولي الذي يرى فيها الحل الأنسب والأمثل الذي من شأنه أن يغلق الباب أمام الدعوات الانفصالية للبوليساريو ، ومن يقف وراءهم ، المطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
فقد جاءت المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي لتكريس حقيقة استحالة تطبيق مبدأ تقرير المصير بالشكل الذي ترغب فيه كل من الجزائر وجبهة البوليساريو، تلك المبادرة التي أيدها أعضاء مجلس الأمن الدولي عندما أكدوا على دعمهم الكامل للمسلسل السياسي الذي يجري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة منذ سنة 2007.
فمجلس الأمن ، باعتباره الهيئة التنفيذية العليا للأمم المتحدة ، واضح للغاية في هذا الصدد ، حيث أكد ضمنيا في قراره 2654، على أسبقية مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، والدعوة للمشاركة في إطار الموائد المستديرة المحدثة بمقتضى قراري مجلس الأمن رقم 2414 و 2440، التي يشارك فيها المغرب والجزائر وموريتانيا و البوليساريو، كآلية مثلى في اتجاه حل سياسي واقعي، عملي وتوافقي.
وبالتالي ، فإن القرار رقم 2654 ، على غرار القرارات السابقة منذ سنة 2007، يعد مرجعا و خارطة طريق لحل النزاع حول الصحراء ، الذي لا يمكن إلا أن يكون سياسيا وواقعيا ودائما ، يمكن أن يتبلور عن طريق النقاشات الجدية و النوايا الحسنة في إطار الموائد المستديرة و مراعاة التقدم الذي أحرزه المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كولر ، كل ذلك يشكل السبيل الوحيد لقيادة العملية السياسية الحصرية للأمم المتحدة حتى نهايتها.
لقد اختار المجتمع الدولي طريق الشرعية من خلال اختيار لا رجعة فيه لحل سياسي وواقعي وعملي ودائم، تجسده مبادرة الحكم الذاتي ، و صار النقاش حول ملف الصحراء المغربية داخل المجلس يتجه إلى اعتماد خارطة الطريق التي رسمتها هذه المبادرة لحل النزاع ،الذي طال لفترة طويلة ، ما جعل مستقبل وتطلعات شعوب اتحاد المغرب الكبير رهينة بهذا النزاع بالدرجة الأولى، في وقت تحتاج فيه هذه الشعوب إلى الوحدة والتضامن أكثر من أي وقت مضى ، مع تصاعد التكتلات الإقليمية ما بين الدول.
ورغم جدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب و تم تثمينها من قبل المجتمع الدولي ، فإنها مازالت تواجه عقبة الموقف الجزائري الذي يحاول ، مع الأسف، عرقلة المفاوضات في إطار الموائد المستديرة بعدم المشاركة .
وجدير بالإشارة إلى أن المغرب، رغم كل ذلك، يمضى قدما في تثبيت قضيته الوطنية العادلة أمام المجتمع الدولي، و التمسك بالحفاظ على وحدته الترابية، وشرعية تواجده في أقاليمه الجنوبية ، و تعزيز مكانة هذه الأقاليم و تنميتها في ظل مشروع تنموي سيتم تعزيزه بالجهوية الموسعة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=18968