قراءة في كتاب “وعد الآخرة” للكاتب عادل الحسني

دينبريس
كتاب الأسبوع
دينبريس24 أكتوبر 2020آخر تحديث : السبت 24 أكتوبر 2020 - 2:24 مساءً
قراءة في كتاب “وعد الآخرة” للكاتب عادل الحسني

مريم التيجي
وعد الآخرة..العودة من التطرف الجهادي..كان هذا هو العنوان الذي اختاره عادل الحسني لصرخته التي ترددت بين دفتي كتابه، الصادر في 167 صفحة من الحجم المتوسط، من مطبعة دار العرفان للنشر والطباعة بمدينة أكادير.

حاول الكاتب وفق ما صرح به على ظهر الغلاف “البرهنة على رأي في النقاش السائد حول الإصلاح الديني، رأي يقول ان تخلفنا في السياسة والمجتمع والثقافة متأثر أساسا بالتسلط الممارس باسم الدين، تسلط يخنق بنية تفكيرنا وعلاقاتنا، سواء كان القصد معلنا أو مضمرا بدعاوى نبيلة”..

إلا أن القراءة المتأنية للكتاب، قد تكشف ما هو أبعد من ذلك. فالكاتب منذ البداية يحمل كامل المسؤولية للمجتمع والدولة فيما انحدر إليه من تطرف كجهادي سابق، ويضع الأصبع على الجرح حين يؤشر على التناقضات التي عصفت ولا تزال تعصف بالشباب..

فقد وقف كمعتقل جهادي على هذه التناقضات من خلال “شماتة المجتمع وتبجيله في نفس الآن” و”دولة لا ترحم في المقاربة الأمنية بعد أن مهدت لكل ما وصلته (بضم التاء) بمقاربتها الدينية والتربوية والإعلامية. ومجتمع يتخلى عني ويتبرأ مني رغم أني أعبر عن ما يحلم به..”

يخبرنا الكاتب عادل الحسني من خلال سيرته أن الجهادي المتطرف، هو ابن شرعي للمجتمع وللدولة ولسياساتها، لكنه في النهاية يدفع وحده ثمن اللعبة..

كما يخبرنا عن الجانب الإنساني لذلك الشاب الذي ورطته الدولة والمجتمع مستغلين سذاجته وترسانة تراثية يصعب الخروج من كماشتها، قبل أن يتبرأ منه الجميع ويتم تصويره على أنه وحش قادم من كوكب بعيد.

وفي الأخير يعترف بأن “الخروج الكبير والجوهري من البنية الدينية المتطرفة تطلب مني الاعتراف وإذلال نرجسية المتدين المتعالية في نفسي، تطلب مني هذا الخروج أن أقر بأني حاولت تبديد حالة الخوف من الله والموت بالبحث عن الطمأنينة في كلام الدعاة والكتب الداعية لكراهية الحياة والآخر…” حسب قوله.

وأنا أقلب صفحات كتاب “وعد الآخرة” شعرت أن كل كلمة تنزف من جرح لم يندمل بعد، وأن ما لم تبح به السطور من هذه التجربة الإنسانية أكثر بكثير مما باحت به.

كما تملكني إحساس أن الكتاب ما هو إلا باكورة كرمة لم ينضج تينها بعد، وربما سيأتي بعده كتاب آخر يعطي تفاصيل أكثر ويسلط أضواء كاشفة على عقل الجهادي، وعلى منهجية تفكيره، وكيفية استقطابه وتجنيده..

كما شعرت أن مرحلة التسامح التي قال الكاتب انه وصل إلى محطتها، ربما لا تزال بعيدة عن خطاب مليء بالقسوة التي تعكس حجم الانكسارات التي تحتاج إلى ترميم عميق..

“الجهادي السابق يفهم أكثر من غيره أن المستبد الذي يجب إسقاطه يعيش بين معتقداتنا التي تجعلنا مادة سهلة للاستغلال…” بهذه القنبلة ينهي عادل الحسني كتابه الذي اعتبره “مسار تفكير بني على وعد قدمته تيارات التسلط بالدين…”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.