عمر أمزوري
ما يحصل بخصوص الاحتجاج على غزة من مغاربة أفراد وجماعات، نساء أو رجال مفهوم ومبرر أخلاقيًا.
في المشهد الذي بدت فيه المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد تحتج على المهندس سوري يتولى منصبا كبيرا في شركة مايكروسوفت. يبدو الوضع غريبا.
السوري الذي تحتل اسرائيل جنوب بلاده غير مهتم بالموضوع بينما المغربية التي ترتبط بلادها بإسرائيل بعلاقات جيدة تشعر بالذنب، تخشى أن تكون مساهمة في الحرب من خلال المعرفة التقنية التي ساهمت في توفيرها. هذا مفهوم أخلاقيا من منظور العقل والعاطفة.
ولكن الذي لا نفهمه في المغرب وهو أننا لم يسبق لنا أن عرفنا الحروب منذ ثلاثين سنوات. عرفنا حربا مفتوحة مع الپوليزاريو ولكن ضمن بقعة جغرافية محددة، لم يسبق أن واجهنا تحديا عسكريا وجوديا مثل قصف الطيران وهذا من حسن حظنا. ولم نضطر منذ بناء الجدار الرملي العازل إلى تجنيد الشباب.
ببساطة لن نعرف سوى مشاهد الحرب في التلفزيون والسينما ومنصات المشاهدة وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
نحن نستطيع الصراخ بصوت أعلى لأننا بعيدون عن الحرب. في دول الطوق يعرفون ماهي كلفة الحرب مع إسرائيل، فالدول العربية التي حاولت إنهاء وجود الدولة العبرية انتهت مقسمة وضعيفة وغارقة في وحل المشاكل الداخلية والحروب الأهلية أو فقدت مجتمعاتهم مقومات صفات الدولة.
لنأخذ مصر على سبيل المثال: هناك مؤامرة كبيرة ضدها لتفكيك الجيش المصري فيهاجم هذا الأخير إسرائيل لكي تهاجمه أميركا. السادات قال للأسد الأب: “يا حافظ احنا مش حنحارب أمريكا!”.
مرت السنوات وبرزت قوى إقليمية ودولية تتلاعب بالملف الفلسطيني. واليوم الكل متورطون باستثناء إسرائيل: لقد كشفت الدولة العبرية عن وجهها لأنها نهجت خيار اليمين المتطرف. وهي لا يهمها الأمر، وبفضل تراجع التزام الولايات المتحدة بالمعايير اللبيرالية الدولية وتصدر المحافظين المسيحيين للمشهد السياسي الأميركي، وكذلك حماس التي اختطفت الريادة من منظمة التحرير الفلسطينية وصارت تتصرف باسم الشعب الفلسطيني الذي لم تتم استشارته بخصوص هجوم السابع من أكتوبر.
في ذلك اليوم شعرت بالخوف لأول مرة على القضية الفلسطينية لأنه سيكون هناك هدف وحيد متمثل في تصفيتها بشكل نهائي بسبب تحول الصراع الى صراع ديني محض بمنظور حدي.
اليوم نحن نشاهد حماس كحركة دينية قيامية تؤمن بتفسير ديني صاغه الشيخ ياسين وحليفتها الجهاد الإسلامي، ومثل حزب الله وإيران التي تعجل لفرج المهدي المنتظر في إطار نظرية الولي الفقيه ومعها الحوثيون وهم جماعة دينية، هؤلاء في مواجهة إسرائيل التي يحكمها الليكود وحزب العظمة اليهودية وشاس: هذه الأحزاب قومية دينية تؤمن بتفوق الشعب اليهودي وأن يهوه سيحارب معهم، مدعومة من الولايات المتحدة الدولة العظمى التي يحكمها اليمين المسيحي الذي يتبنى وجهة نظر قيامية أيضًا. لأنهم بعودة اليهود الى فلسطين فهم يعجلون بعودة المسيح المخلص لينشىء مملكته. المشهد مرعب.
ــــــــــــــ
العنوان من اقتراح الموقع. رابط صفحة الكاتب على فيسبوك