23 مارس 2025 / 10:30

قراءة في الأزمة التركية بين أكرم إمام أوغلو ورجب طيب أردوغان

محمد مصطفى الاحمدي
عملية شد الحبل بتركيا تؤكد عمق الشرخ بين اتجاهين في المشهد السياسي: طرف يؤيد الحكومة ومعها القضاء في الاستماع لرئيس بلدية استنبول أكرم إمام أوغلو من منطلق قانوني وطرف يرى في ذلك محاولة لقطع الطريق أمام المعارضة من منطلق سياسي وضربة استباقية قبل موعد الانتخابات بـ 1000 يوم.

لكل طرف تبريره ومنطلق قناعاته وعمق نظرته الحضارية والفكرية والإيديولوجية منذ 102 سنة، تاريخ إعلان الجمهورية التركية على يد كمال اتاتورك.

من جهة، المعارضة الممثلة في حزب الشعب الجمهوري تكتسب قوتها وإيديولوجتها السياسية وافكارها من شخصية اتاتورك وترى فيها المشروع المناسب لتركيا بحكم العديد من العوامل التاريخية والجيوستراتيجية في اتجاه الغرب.

وخلال السنوات العشر الأخيرة عمل الحزب على توسيع دائرة تحالفاته مع هيئات سياسية قد لا تتفق مع طرحه العلماني الحداثي، لكنها تلتقي معه في نظرتها السلبية لحزب العدالة والتنمية عامة وخاصة لشخصية رجب طيب أردوغان.

من جهة اخرى، الأغلبية الحكومية ممثلة في حزب العدالة والتنمية المسند بنسبة معينة من الحركة القومية التي تكتسب قوتها من الانتماء التركي التاريخي والحضاري في اتجاه الشرق والجنوب. وقد وجد هذا الاتجاه بوصلته الحديثة في ثلاث شخصيات:بديع الزمان سعيد النورسي، عدنان مندريس، نجم الدين أربكان.

الهوة بين الاتجاهين واسعة منذ سنوات طويلة، تعمقت كثيرا خلال فترات حكم العسكر وخلال تجارب حكم حزب الشعب الجمهوري خصوصا مع زعيم الحزب بولاند اجاويد وازدادت الهوة مع زعامة حزب العدالة والتنمية منذ 23 سنة وفوزه بأكثر من 12 استحقاقا انتخابيا ( بلديات، برلمان، رئاسة).

ما نعيشه الآن ليس وليد الساعة وانما هو تراكم صراع محتد اشتد بقوة منذ 30 ماي 2013 مع أحداث گيزي قرب ساحة تقسيم وتمدد خلال انتخابات 31 مارس 2014 وانتخابات 2015 بشقيها الاول والثاني بعد ان استعاد العدالة والتنمية اغلبيته البرلمانية. لكنه تعمق مع التعديل الدستوري الذي دعا له أردوغان للانتقال من النظام البرلماني للنظام الرئاسي والذي رأت فيه المعارضة سيطرة على السلطة واحتكارها من طرف ما يسمونهم ب (المحافظين والاخوان).

استمر لي الذراع حتى استعاد حزب الشعب الجمهوري بلديات استنبول وأنقرة واعتبر هذا النجاح نقطة انطلاق نحو كرسي الرئاسة. وكان أكرم إمام لأوغلو يرغب في السير على خطوات أردوغان رغم انه لم ينتخب كزعيم للحزب.

هل يوقف القضاء مسار المعارضة، رغم ان نصف التبليغات القضائية، صدرت من اتباع حزب الشعب الجمهوري، أم أن استعراض القوة سيجعل الأغلبية تفكر في صيغة سياسية للخروج من المأزق.
ـــــــــــــ
رابط صفحة الكاتب على فيسبوك