2 أغسطس 2025 / 09:10

قادة دينيون يدعون إلى إنقاذ الإنسان من سطوة المال وجبروت الآلة

احتضنت مدينة إسطنبول الشهر المنصرم اجتماع مجلس الأديان العالمي من أجل السلام، بمشاركة وفود دينية تمثل مختلف الطوائف والديانات من أنحاء متفرقة من العالم، في لقاء دولي دعا إلى تعزيز الحوار بين الأديان لمواجهة التحديات المعاصرة التي فرضتها التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، والانزياحات المتسارعة في القيم الروحية والإنسانية.

وانطلقت أشغال مجلس الأديان العالمي من أجل السلام، بحضور ما يزيد عن ستين ممثلا دينيا من مختلف أنحاء العالم، من بينهم الكاردينال تشارلز مونغ بو، رئيس أساقفة رانغون في ميانمار، وذلك في لقاء دعا فيه البطريرك برثلماوس الأول إلى تعزيز الحوار بين الأديان في مواجهة التحديات الكونية الكبرى التي تفرضها الحداثة المادية والتكنولوجيا.

وأجمعت كلمات الجلسة الافتتاحية على أن الحوار بين الأديان لم يعد مجرّد ممارسة رمزية أو لقاء مجاملة، بل ضرورة حيوية أمام اتساع رقعة الأزمات العالمية، وتنامي مشاعر العزلة والتشييء وفقدان المعنى في حياة الإنسان المعاصر.

وتم التأكيد على أن الإنسان، في سياقات النظام العالمي الحالي، لم يعد يُنظر إليه ككائن مكرّم يحمل بعدا روحانيا، بل اختُزل إلى رقم ضمن آليات السوق والديون والمؤشرات الاقتصادية.

وانتقدت المداخلات النموذج الاقتصادي العالمي القائم على التجريد، معتبرة أن أزمة الديون، خاصة في دول الجنوب، تُجسّد شكلا جديدا من أشكال العبودية، حيث تُحرم شعوب بأكملها من إمكانات التنمية بسبب نظم إقراض غير عادلة تُراكم الثروة في يد قلة، وتفرغ الإنسان من كرامته لحساب آليات مالية معقدة تفتقر لأي أساس أخلاقي.

وتوقف المتدخلون عند ما وصفوه بتحدي الذكاء الاصطناعي، محذرين من مخاطره الوجودية إذا ما استُخدم خارج إطار القيم الروحية والضمير الأخلاقي.

وتم التنبيه إلى أن الذكاء الاصطناعي، شأنه شأن المنظومات المالية، يقوم على تجريد الإنسان من تفرده وتحويله إلى معطى قابل للقياس والتوظيف، ما يُنذر بإفراغ الإنسانية من أبعادها الروحية والمعنوية.

وشددت الكلمات على أن التعددية الدينية لا تعني السعي نحو توحيد العقائد أو بناء ديانة كونية هجينة، بل تدعو إلى تشكيل تحالف ضميري عالمي، يستند إلى القيم المشتركة بين الأديان، وفي مقدمتها المحبة، والرحمة، والعدالة، والتضحية.

وأكد المتدخلون أن هذه القيم ليست شعارات مجردة، بل مرتكزات عملية قادرة على مواجهة الأزمات الإنسانية والبيئية والاجتماعية الراهنة.

وأعرب المشاركون في الاجتماع عن قناعتهم بأن الأديان، رغم اختلافاتها العقائدية، مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تأمين فضاء مشترك للحوار والتعاون، يُبقي على الأفق الروحي مفتوحا في وجه النزعات المادية المتطرفة، ويساهم في بناء مجتمعات أكثر إنصافا وإنسانية.