14 يونيو 2025 / 12:06

في ملف الصحراء المغربية: العابثون بالزمن يطويهم النسيان

عبد السلام البوسرغيني

يتعمد المندوبون الجزائريون وهم يتحدثون في المحافل الإقليمية أو الدولية إغفال وتجاهل كل ما طرأ من أحداث وتطورات، حالت دون إجراء الاستفتاء الذي دعا إليه المغرب عن طواعية واختيار، متيقنا أنه لن يكون سوى تأكيدا لما حققته المسيرة الخضراء.

ينسى المسؤولون الجزائريون بما يفرضونه من تعليمات على مندوبيهم، وهم يصرون على الوقوف جامدين في تفكيرهم ومعطلين لعقولهم، ينسون أن التاريخ لا يتوقف عن السير، وأن من يصر على الوقوف في محطات معينة منه ولا يمتطي عرباته، يبدو وكأنه يعبث بالزمن، ولا يدرك أن الزمن يعبث به ويطويه النسيان.

لقد مرت أكثر من أربعين سنة على تقديم فكرة الاستفتاء لتسوية نزاع الصحراء، وهي فترة شهدت تغييرات في ميزان القوى إقليميا ودوليا، وشهدت سقوط نفوذ دول وانبعاث نفوذ دول أخرى، وسجل التاريخ إبرام تحالفات كان المغرب طرفا في بعضها وفاعلا في تجسيدها على أرض الواقع. ولم يكن المغرب في كل الأحوال غائبا عن الأخذ بناصية مصيره، ولا كان غافلا عن التأقلم مع ما طرأ من تغيير على الصعيد الإقليمي والدولي، ولا زاهدا في الاستفادة مما أتاحته له التطورات الجيوسياسية والدبلوماسية، مستعملا ما يتوفر عليه من كفاءات بشرية ومن إمكانيات اقتصادية، حرص على توظيفها لتحصين ما استرجعه من ترابه في صحرائه الأطلسية مدنيا وعسكريا، ولتحقيق الاندماج بين شمال المملكة وجنوبها على كل الأصعدة، انطلاقا من الاندماج البشري الإنساني، إلى الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، ولم يكن ليتاح له ذلك لولا وجود قيادة ذات كفاءة عالية تحسن التفكير والتخطيط، وتحرص على الإنجاز والتنفيذ.

لقد توفرت للمغرب ظروف الشروع في تنفيذ ما تم التخطيط له على عهد الملك العظيم الحسن الثاني رحمه الله، واستمرت المسيرة المظفرة في التقدم نحو أهدافها النبيلة، وما تزال تتقدم على عهد جلالة الملك محمد السادس بما أبدعه من مخططات جديدة تحظى الصحراء الأطلسية المغربية بالجزء الأوفر منها. وفي عهد هذا الملك الملهم ذي النظرة المستقبلية، حظيت المجالات العلمية والمعرفية بما يجعل من الأجيال المغربية الحالية والمقبلة القوى المحركة للنهوض بالبلاد، وبالأخص أجيال المواطنين من أبناء الصحراء الأحرار. وهكذا فإن بناء الإنسان قدم للبلاد عموما ولصحرائها على الخصوص نخبة تدير بكل كفاءة واقتدار الشؤون الإقليمية والمحلية. وتمثل أمامنا وأمام العالم اليوم في صحرائنا المدن والقرى المزدهرة من العيون إلى الكركرات كبرهان على ما يستطيع الإنسان الصحراوي إنجازه وإبداعه مؤازرا من دولته.

نحن الآن في المملكة المغربية نتقدم مع الزمن في مسيرته، وهو يطوي السنين ويسجل للعاملين عملهم وما يصنعون ويبدعون. أما الذين يصرون على الوقوف في المحطات التي تجاوزها الزمن فلن يسعفهم في الوصول إلى ما يسعون لتحقيقه من الأهداف المشبوه فيها والتي تسعى إلى فرض الهيمنة والنفوذ، بل وإلى التوسع على حساب جيرانهم.