20 مايو 2025 / 21:09

في الركيزة الفكرية لتنظيمي الإخوان وداعش

ماهر فرغلي. كاتب مصري

لجماعة الإخوان فكر، وهذا الفكر تحول إلى نظرية ثم إلى مذهب، مختلف عن باقى المواطنين، لكنه إلى حد ما لا يختلف كثيراً عن نمط الفكر السلفى أو الفكر الداعشى.

بداية فإن التفكير عملية عقلية، وهذا يعني أن هناك (مدخلات) ما إلى الدماغ يتم (معالجتها) من خلال جهد محدد يؤدي لظهور مخرجات يعبر عنها بالأفكار أو الفكر، الذى يتحول إلى (أيديولوجية) التى هى المعتقدات التى تفسر موقف الإنسان من المجتمع، وتؤدى لنسق من السلوك يجسم تلك الأفكار والمعتقدات ويتفق معها.

يتركز السلوك الفكرى للإخوان فى عدة محاور، أهمها أن الإسلام نظام شامل متكامل بذاته، وهو السبيل النهائي للحياة بكافة نواحيها، وأن الإسلام نابع من مصدرين أساسين هما القرآن وسنة الرسول عليه السلام وقائم عليهما، وأنه قابل للتطبيق في كل زمان ومكان.

وأعتقد أن هذه المحاور لا تختلف كثيراً عما يؤمن به الرجل العادى في المجتمع، إلا أن ما يفرق بيننا وبينهم، انهم وضعوا تلك المحاور في برامج تطبيقية على الأرض، أو ما أطلقوا عليه، الغاية القريبة، وتشمل: (إصلاح الفرد، بناء الأسرة، إرشاد المجتمع)، والشق الثانى هو الجهاد، وإعادة الخلافة، وتحقيق السيادة، وأستاذية العالم.

لا يختلف هذا النمط االإخواني عن داعش، فهى تؤمن بأستاذية العالم أيضاً، إلا أنه يحكمها عدة أنماط، منها: التفكير العقائدى، الذى يستند إلى الحديث الشريف، أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، فوسعوا كلمة المشركين، فجعلوا يندرج تحتها كل الشيعة على العموم، وكل الفرق والجماعات الأخرى، ومن يمارس الديمقراطية، ووسع التنظيم كلمة جزيرة العرب لتشمل كل الدول العربية.

وهناك النمط الاقتصادى لداعش، وهو أن التنظيم يرى أنه أحق بكل اقتصاديات الدول الإسلامية، ومنها البترول، بل يرى أنه يجب أن يستثمرها، لأنه الوريث الوحيد لها بعد إعلانه الخلافة، فيما ترى الإخوان أنه لا بد من أسلمة الاقتصاد، وبناء تنظيم موازى اقتصادى عن اقتصاد الدول.

ويرى داعش في أحد أنماط تفكيره، ان المجتمعات كلها غير إسلامية، وأن الحكومات يجب أن تدخل في الإسلام من جديد، فيما يرى الإخوان أسلمة كل شيء، إلا أنهم لم يوسعوا مفهوم الطاغوت مثل تنظيم الدولة.

كلا التنظيمين، لهما نمط واحد من التفكير التنظيمى، من خلال ما يسمى بالركيزة التنظيمية، وهى عبارة عن إيجاد مجموعات تابعة للتنظيم، في كل الدول، وعمل تنظيم دولى يحكم العالم، يخدم مصالح التنظيم الأم اقتصادياً ومعلوماتياً، وأمنياً، ويقوم بالخدمات اللوجستية للتنظيم وقت الحاجة.

أما سلوك مسار الفكر الإخوانى والداعشى فهو شيء واحد، إذ إنهما لا يفرقان بين العمل الدعوى والسياسى، فنجد ما أعلنه البنا في رسالة المؤتمر الخامس، هو عمل نظام خاص، وكان الخطأ الاستراتيجي الأخطر له، حيث بدا أن الرجل وجماعته يريدون امتطاء جوادين في وقت واحد، الدعوة والسياسة عبر صيغة ملتبسة لم تفارقهم، بين أدوار الدعوة وأدوار السياسة، وهو ما فعله داعش تماماً.

الداعشي والإخواني يحملون نفس الفكر، لكن الفرق أن الداعشي لا تقية له، والإخواني يمشي بالتقية.

لب المشكلة أن شيوخ داعش أو الإخوان، لديهم تصحّر فكرى، وعدم فقه بالواقع، وتعصب مقيت، لأن الفكر في الختام قد يمر بمرحلة (السكون)، أو ما يطلق عليه حالة الكمون في الفكر، وفي التجربة والعمل، هي الحالة التي يقذف فيها بالشخص أو التنظيم أو الفكر أو المجتمع خارج دائرة الحدث، وبعيدا في زوايا الظلمة والنسيان، مما يؤدي لفقدان التأثير في الفعل التاريخى، وهى حالة أو مرحلة تعيشها الإخوان الآن، كما يعيشها داعش، والعديد من التنظيمات التي نشأت في هذا القرن، وأن تعيش مرحلة من السكون يعني أنك لا تشعر بمرور الزمن وحوادث هذا الزمن من حولك، ولا تشعر إلا بثقلها وبطئها وقسوتها عليك، أو أن إحساسك بها ليس فيه سوى التشاؤم والسوداوية والانعزال، وعدم تقدير مجريات الأحداث وتطورات الأمور بشكلها الصحيح.