13 مايو 2025 / 10:00

في الحاجة إلى استعادة عبد الله العروي

يوسف الزيات

قد يستغرب الباحث في التاريخ من ضخامة المنجز النقدي الفكري والأدبي حول أعمال عبد الله العروي، في مقابل تسجيل ضعف واضح حول إنتاجاته التاريخية وفكره التاريخي المنهجي والبحثي. وإنّ هذا الأمر حاصل على كل مستويات الكتابة والمراجعة والنقد؛ أي الأطروحات والكتب والمقالات والأعمال الجماعية التي اشتغلت على تجربة عبد الله العروي. وتكفي نظرة على بيبليوغرافيا منجزة حول أعمال العروي للتأكيد على ذلك (محمد معن، 2012). وربما لاداعي للتساؤل حول الأسباب الكامنة خلف ذلك، فهي واضحة ومتجلية في هيمنة الجانب الفكري ثم الأدبي في تمثل وتلقي منجز عبد الله العروي.

لذلك أجازف بقول كلمة مهمة، في نظري، لها امتداداتها، وهي أنه على الباحثين الشباب في التاريخ “استعادة” عبد الله العروي. وإنّ هذه الاستعادة قد تتحقق بالعودة إلى تناول ومراجعة تصوراته المنهجية التاريخية ومحاولة استلهام القواعد البحثية والمنهجية التي وضعها، كل في نطاق بحثه وتخصصه. ليس بغرض تقديسها أو جعلها قانونا ثابتا وإنما بغرض الاسترشاد وجعلها منطلقا لمرجعية بحثية في التاريخ، مجددة ومنفتحة ومتفاعلة مع باقي الحقول المعرفية. في أفق تطويرها أو تجاوزها إن أمكن ذلك مستقبلا.

إنّ الإشكالية المنھجية الكبرى بالنسبة لي ھي “تعويم العروي” فيما ھو فكري وعدم الاهتمام الكافي بجانبه التاريخي-المنھجي. وھو الذي، أي العروي، ما فتئ يلحُ على مسألة التاريخ في جدلية التاريخية والتاريخانية، ورغم أنه يصّر كذلك على أن نصه الفكري الأساس لا يجد تعبيره أو انعكاسه”الواقعي” أو “التاريخي” إلا في أطروحته حول “أصول الوطنية المغربية” ونصوصه التاريخية بشكل عام.

إنّ تناول هذا الموضوع واقتحامه فيه شيء من الصعوبة لكنه مبرر على المستوى المنھجي. وذلك لغرض التعرف، ولما لا التأثر بجوانب من نزعة النقد التاريخي والقدرة على التحليل والتركيب التي يعرف بها عبد الله العروي، سعياً نحو المساهمة في الجهود المنهجية الساعية لتطوير البحث التاريخي المغربي.

إنّ الأمر في حقيقته تجربة ذاتية أتقاسمھا مع الطلبة. فقبل 14 سنة اشتغلت على موضوع “الفكر التاريخي عند عبد الله العروي” في بحث الإجازة. وما أعرضه، ھو تماما، ما اشتغلت عليه آنذاك، مع شيء من التنسيق والتوضيح والتقويم. وطيلة المدة المذكورة كنت أعيد قراءة مؤلفات عبد الله العروي وما استطعت الوصول إليه مما كتب عنه. وما تزال الصورة تتشكل شيئا فشيئا ولعّل ھذه الورشة تمرين وخطوة أخرى في مسار الاحتكاك والفھم.

رابط صفحة الكاتب على فيسبوك: https://www.facebook.com/ziati.youssef.3