8 سبتمبر 2025 / 10:27

فوارق في تجارب الإسلاميين بين تركيا ومصر

عمرو عبد الحافظ. كاتب مصري، وعضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين

بعد تنحي مبارك عام 2011 زار نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر محافظة الفيوم، واحتشد الإخوان وبعض أنصارهم في نادي التطبيقيين للاستماع إلى الرجل النافذ في الجماعة.. تكلم الشاطر طويلا، ثم تلقى عدة أسئلة.. ومنها سؤال عن رأيه في تجربة حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة أردوغان.. قال الشاطر: لا شك أن حزب العدالة والتنمية حقق إنجازات ملموسة في تركيا، لكنه لم يمكّن للمشروع الإسلامي، ستكون لنا في مصر تجربتنا الخاصة!

خاض إخوان تركيا بقيادة نجم الدين أربكان غمار العمل السياسي منذ سبعينيات القرن الماضي، عبر تأسيس عدة أحزاب سياسية تنافس في الانتخابات البرلمانية وتسعى إلى إيجاد موضع قدم لها في دوائر السلطة.. وكلما حلّت السلطات حزبا أسسوا آخر.. شارك أربكان في الحكم عبر توليه منصب الوزير، ثم منصب رئيس الوزراء عام 1996.. اضطر إلى الاستقالة بعد خلاف حاد مع الجيش حول سياسات رأتها المؤسسة العسكرية متعارضة مع علمانية الدولة.

قدّم أربكان نفسه دوما بوصفه زعيم حزب إسلامي، وأعلن في مناسبات عديدة تطلعه إلى تشكيل ما سماه الدول الثماني الإسلامية الكبرى؛ تركيا ومصر وإيران وماليزيا وغيرها.

بعد حل حزب الرفاه الإسلامي عام 1998 أدرك عمدة إسطنبول السابق رجب طيب أردوغان حتمية تغيير المسار.. انشق مع عدد من رفاقه عن الإخوان، وأسسوا حزب العدالة والتنمية عام 2001، في حين أسس الإخوان حزب السعادة في العام ذاته.. قدم حزب العدالة والتنمية نفسه بوصفه حزبا علمانيا محافظا، وأسقط من حساباته فكرة تكتل الدول الثماني الإسلامية الكبرى، وأعرب عن رغبته في انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ولم ير بأسا من عضوية بلاده في حلف الناتو.

سحب حزب العدالة والتنمية البساط من تحت أقدام حزب السعادة.. هاجمه الإخوان كثيرا.. نجاحاته في الملفات السياسية والاقتصادية لا تعني لهم شيئا؛ لأنها جاءت على حساب ما يسمونه “المشروع الإسلامي”.. الدولة عند الإخوان ليست مجرد تشكيل إدارة، بل لعل الإدارة لا تعنيهم كثيرا؛ إنما هي دولة دعوة ورسالة، هدفها تطبيق الإسلام كما يفهمونه بقوة الدولة وسلطانها.. فإذا لم تحقق ذلك فليست الدولة الإسلامية المنشودة.

من هذا المنطلق جاء وصف خيرت الشاطر لتجربة الحزب التركي بأنها حققت بعض النجاحات، لكنها لم تمكّن لما يسميه “المشروع الإسلامي”.. لاحقا، وبعد الهزائم التي مُنِيَتْ بها الجماعة في بلاد العرب، أصبح أردوغان راعيا إقليميا لتنظيمات الإسلام السياسي، ولا أظن ذلك إلا بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الناتو.. فاضطر الإخوان إلى تعظيم أردوغان وغض الطرف عن خلافهم القديم معه.