إعداد / محمد جناي
اختلف الفقهاء في الداخل من العين – ما يوضع في العين من مادة علاجية على شكل قطرة – على قولين:
القول الأول : على أن الداخل من العين يفطر إذا تحقق وصوله للحلق ، وإلا فلا فطر ، وهو قول المالكية والحنابلة .
والقول الثاني : على أن الداخل من العين لا يفطر ولو وجد طعمه في حلقه، وهو قول الحنفية والشافعية ، ومذهب أنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
و قبل البحث في هذه الـمسألة نقدم إجابة عن سؤال: هل العين قناة إلى الحلق ، بحيث إن ما يوضع في العين يصل إلى الحلق ، أم لا ؟ يقول الأطباء : إن العين لها قناة متصلة بالأنف ، ثم بالحلق؛ ولهذا نقول: إن هذا منفذ إلى الحلق ، والآن هل يحصل الفطر بما يوضع في العين من قطرة ؟ الـمسألة خلافية بين أهل العلم الـمعاصرين، وقد ذهب أكثر أهل العلم، إلى أنه لا يفطر الصائم بوضع قطرة في عينه، لأن الصيام ثبت بيقين ، فلا يرفع إلا بيقين، وما يصل مما يوضع في العين من قطرة ، لو وصل ، فإنه لا يزيد على ما يعْفى عنه مما يتبقى بعد الـمضمضة .
و بعض الأطباء يقولون : إنه لا يمكن أن يصل شيء من قطرة العين إلى الحلق ؛ فإن ما يوضع في العين يُـمتَصُّ بالكامِل في القناةِ الدَّمعيَّةِ، وما يجده الإنسان من طعم في حلقه ليس عن طريقِ وصول هذه القطرة إلى الحلق ، وإنما يقولون: إن الجسم إذا امتص هذه القطرة ذهبت مرارتها إلى مراكز التذوق في اللسان، فيحس الإنسان بطعمها، ولو لم تصلْ في الحقيقة إلى اللسان، وإنما وصلت لامتصاصها في البدنِ، ووصولها إلى مراكز التذوق، وهذا كلام لبعض الأطباء.(1)
قال ابن تيمية رحمه الله : ” فإذا كانت الأحكام التي تعم البلوى لا بد أن بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ، ولابد أن تنقل الأمة ذلك ، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى ، كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب ، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن ، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساما، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان،وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة،فلما لم ينه الصائم عن ذلك ، دل على جواز تطيبه وتبخره وادهانه، وكذلك اكتحاله، وقد قال البخاري في صحيحه: لم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسا”(2)
والراجح أن مايدخل من العين لا يؤثر في الصوم ولو وجد طعمه في حلقه لأن العين ليست منفذا طاهرا من منافذ الجوف،مثلها مثل الأذن ، وعلى ذلك فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكةالعربية السعودية.
وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
ــــــــــ
هوامش:
(1) : مقال للدكتور عبدالله بن حمد السكاكر ، منشور بموقع الدرر السنية، بعنوان : ” فِقْه نَوازِلِ الصِّيام” .
(2) : النوازل الفقهية المعاصرة المتعلقة بالتداوي بالصيام ، تأليف أسامة بن أحمد بن يوسف الخلاوي ، دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع ،(صفحات : 238 – 239 ).
المصدر : https://dinpresse.net/?p=19954