د. سمير عزو
لقد تمَّ تشْكِيل العقْل المُسلم بٱسْتعمال تُرْسانةٍ مُتَناهِية الدِّقّة و الإتْقان، جَرى حَبْكُها عبْر التّاريخ في قالبٍ مِن الفِقْهِ الكْلاسِيكي، الدّاخِلُ فيهِ محاولاً فهْمَه؛ لا يَخْرُجُ إلاَّ إحْدى ثلاث : مُسَلِّماً بأقْدارِ “الجَبْر و الإرْجَاء”؛ أو عَلْمانيّاً أو مُلْحِداً بِالكُلِّ في أقْصى تحْدِيد.
ذلك أنّه كانت “رَزِيّة الخمِيس” (1)؛ و كانت “الفِتْنة الكُبْرى” (2)؛ و بيْنَهُما أحداثٌ عِظامٌ؛ طبَعت بِشكل أو بآخر نَمَط التّفْكير؛ و خَنْدَقت كلَّ فريقٍ من المسلمين في مَدْرستِه الفِكْرية. طبيعيٌّ إذاً أن نتسائل اليوم، و نخُوض في الإشْكالات، التي تَمُسُّ الجَوْهر “الثّابِت” في الدّين، الذي وصَلنا عبْر آلِياتٍ بشريّةٍ؛ مُعرّضَةٍ لِلخَطأ كما التَّدْليس.
و عليه، قبل التساؤل الأرسلاني : “لِماذا تأخَّر المسلمُون بينما تقدَّم غيْرُهم” ؟، وجَب التَّساؤُل : لماذا تفرَّق المسلمُون إلى ثلاثةٍ و سبْعين فِرْقة؛ بينما تفرَّق غيْرُهم إلى إحْدى و سبْعِين؛ و إثْنى و سبْعِين (3)؟ ألاَ يكونُ هذا الرَّقْم “القِياسي” دَلالةً على شيءٍ مَا !
لماذا تَرَكَنا نبِيُّنا صلّى الله عليه و آلِه و سلّم؛ هَمَلاً بِدُون وَصِيّةٍ؛ بيْنما يقولُ القرآن الحكيم “كُتِب عليْكم إذا حضَر أحدَكُم المَوْتُ إنْ ترَك خيْراً الوَصِيّة لِلوالديْن و الأَقْربِين” سورة البقرة 180 ؟ و إذا كان صلّى الله عليْه و آلِه و سلّم؛ يُرِيد التَّأْسِيسَ لِمَبْدأ الإنْتِخاب؛ عمَلاً بقوْلِه تعالى “و الذِين ٱسْتجابوا لِربِّهم و أقامُوا الصَّلاة و أمْرُهم شُورى بيْنهُم و مِمَّا رزَقْناهم يُنْفِقون” سورة الشورى 38، فَلِماذا لمْ يَحْظُر جميعُ زُعَماءِ الصّحابة في سَقيفة بني ساعِدة (4)؟
ثُمّ لِماذا لمْ يَفْلح الإِنْتخاب (الشُّورى)؛ في تَطْيِيب خَواطِر المُسلمين؛ و حَقْنِ دِمائِهم ؟ حيثُ ٱغْتِيل ثلاثةٌ من الخُلفاءِ “الرّاشِدين” مِن بيْن أرْبَعة ؟ و إذا كانتِ البَيْعة هي الطّريقة المُثْلى آنذاكَ؛ للطّاعَة و ٱتِّباعِ أولِي الٱمْرِ؛ فَلِما لمْ يبْقى الصَّحابةُ على ذلك؛ بعْدَ رُبْعِ قَرْنٍ مِن الزَّمن؛ أيْ في خلافة علي ٱبْن أبي طالب (5)؟
مَن هِي الطّائِفة البَاغِيَة ؟ و هل الإِصْلاحُ بيْن المُسلمين، يَكون بِقِيادَة جَيْشٍ جَرّار ؟ لِمَا يُصِرُّ بعضُ المسلمين؛ على “الطّعْنِ” في عِرْضِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه و آلِه و سلّم؛ و “سَبِّ” (6) صحابَتِه ؟ و هلِ الصُّحْبَةُ و النَّسَبُ والمُصاهَرَة.. تَمْنَع إحْقاقِ الحَقِّ ؟ أليْسَ “الخَوْض” فِيما شَجَر بيْن الصّحابَة مِن قبيل القَدْحِ (7) فيهم؛ و مُجَرّد تَرَفٍ فِكْري و مَاضَوِيَّةٌ لا نَفْعَ فِيها !؟
لِماذا تُغْلِقُ كُلُّ طائِفةٍ من المسلمين؛ على نَفْسِها “تَجْتَرُّ” رِوايَاتِها و تُصَدِّقُها لِوَحْدِها؛ كأنَّما “دِماؤُها الشَّريفة تَقِفُ حاجِزاً دُونَ الإِمْتِزَاجِ و الإِخْتِلاَط بالثَّقافاتِ و الحضَاراتِ الأُخْرى” كما يقول طارق حَجِّي ؟ أليْسَ “الضِدُّ يُعْرَفُ بِالضِدِّ” ! فَلِما التَّوَجُّسُ مِن نَبْشِ التّاريخ؛ و ٱعْتِبارِ ذلكَ بِمَثابة “قَدْحٍ وَ سَبٍّ” لِلصَّحابَة ؟ وَ هلِ الصَّحابَةُ رُكْنٌ رَكِينٌ مِن أرْكانِ الإسلام ؟
إنَّ الإختلافَ بين طوائفِ المُسْلمين جَدْري؛ يبدأ مِن عدَدِ آيات القرآن الحكيم (8)؛ لِيَصل إلى الأُصول و الفُروع المُؤسِّسة لِلدّين؛ و على ٱعتبار العدد الكلي لهذه الآيات؛ تكون فُرْصةَ البحْثِ عن توْفيقٍ بيْنهُم؛ صَعْبةَ المَنال إِذا ما ٱحْتجَّ كُلُّ واحدٍ مِنْهم؛ بآيةٍ مِن آياتِ الحقِّ سُبْحانه !
و لِذلك كُلّما ٱقْتربْنا؛ مِن مَجالِ تحْقِيق تاريخِ الصَّحابة؛ الذين هُم ناقِلوا هذا الدِّين؛ إلاَّ و ثارَتْ ثائِرَةُ أولئِكَ المُحافِظين؛ الذين عادةً ما يَحُثون النّاسَ على الإقْتِداء بِالسَّلَف. فَيدَّعُون تارةً خّصوصِيَّة التُّراث، و تارةً أُخْرى يَشْتَرِطون التَّخصُّص في “عُلومِهم”؛ مِن أجْلِ أنْ يتمكّنَ الباحِث مِن طَرْحِ إشْكال، و تاراتٍ أُخْرى عَبْرَ عَمليّة “التَّخْريجِ و الأسانِيد”؛ التي لا تَستقِرُّ على قاعدة ثابتة.. إنّها مَكَابِحُ تَحُولُ دُونَ تنْوِير “العَقْل الفِقْهي”، الذي يَتوَقّف؛ حسب محمّد عابِد الجابِري؛ “عِنْد الإسْتِثناء و الخُصوصِيَّة؛ مُعْتقِدًا أنَّه مُتميِّزٌ بِإيَاب”. هذا ما يَجْعلُ مَهمّةَ؛ نَقْدِ العقْل المُسلم؛ صعْبة المَنال و خُطْوَةً حسّاسة، بالنّظر لِمُدّة تَشْكِيل هذا العقل (أرْبعة عشرَ قرْناً)؛ و عدَد “الثَّوابِثِ” و “الرُّمُوز”؛ التِي قَد يرَى فِيها آخَرُون؛ “جَهْلاً مُركّباً و مُقدَّساً” بِتَعْبير مُحمّد أرْكُون.
يتَمَظْهَرُ هذا العقْل أيضاً، في “ثَوْبٍ” أخْلاقِي قَيْمِي؛ كُلَّما أُثِيرَت مُناسَبةٌ لِنَبْش الأغْوار التّاريخية؛ و عِنْد كُلِّ جَدَلٍ يتَناوَلُ؛ “الثّابِتَ” و المأْلوف سَماعُه في موْضوعِ الصّحابة. من ذلِك قَوْلُ أبي سعيدٍ الخُدْري؛ عِندَما ذُكِرَ عِندَه علِيٌّ ٱبنُ أبي طالِبٍ، و طلْحة، قال : قوْمٌ سبَقَت لهُم سَوابِقٌ و أصابَتْهُم فِتَنٌ، فرُدُّوا أمْرَهُم إلى اللهِ عزَّ و جلّ… مَثَلُ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه و آلِه و سلّم؛ كالعُيون، و دوَاءُ العُيوِ تَرْكُ مَسِّها. كما قال الإمَام أبو زُرْعة الرّازي،و الإمام أبو حاتِم الرّازي : أدْرَكْنا العُلَماء في جَمِيعِ الأمْصارِ؛ حِجازًا و عِراقًا و شامًا و يَمنًا؛ فكان مِنْ مَذْهَبِهم…. التَّرَحُّمُ على جَمِيع أصْحابِ مُحمّد، و الكَفُّ عمّا شَجَرَ بيْنهُم.
وقال الإمام الغزالي : الخَوْضُ بِالباطِل، يُدْخِل فِيه: حِكايَة ما جَرى مِن قِتالِ الصَّحابة، على وجْهٍ يُوهِمُ الطَّعْن في بعْضِهم. و كُلُّ هذا باطِلٌ، و الخَوْضُ فيهِ خوْضٌ في الباطِل. و قال ٱبنُ تيْمِية : الصّحابة رِضْوان الله عليْهم أجمَعين… ثبَتَ في فَضائِلِهم خُصوصًا و عمُومًا ما لمْ يَثْبُت لِغيْرِهم؛ فلِهذا كان الكلامُ الذي؛ فِي ذَمِّهم على ما شجَر بيْنَهم؛ أعْظمُ إثْمًا مِن الكلامِ في غيْرِهم.
وقال الإمام مالك : مَنْ سبَّ الصّحابَة فلاَ سَهْمَ لهُ معَ المُسلمِين في الفَيْءِ، هؤلاءِ أقْوامٌ أرادُوا القَدْحَ في النَّبيِّ صلّى الله عليه و آلِه و سلّم؛ فلَم يُمْكِنْهُم ذلِك، فقَدَحوا في أصْحابِه. و قال الإمام أحمد بن حنْبل : مَنْ سَبَّ أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه و آله و سلٌم، أو أحدًا مِنْهم فهُو مُبْتدِعٌ رافِضيٌّ خَبيثٌ، مخالِفٌ لا يُقْبل مِنه صرفًا ول ا عدْلًا.
وقال: لا يجوزُ لأحد أن يذْكُر شيئًا مِن مَساوِيهم، و لا يطْعن على أحدٍ منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السُّلطان تأْديبُه و عقوبَتُه. و قال عمر بن عبد العزيز عندما سُئِل عن صفّين و الجَمل : أمْرٌ أخْرَج الله يَدَيَّ مِنه؛ لا أُدْخِل لِساني فِيه. و قال : تلك دماءٌ طَهَّر الله مِنها سُيوفَنا، فلا نُخضِّب بها ألْسِنتَنا.
و قال الإمام أحمد بن حنْبل : مِن الحُجّة الواضِحة الثابتة البيّنة المعرُوفة؛ ذِكْرُ مَحاسِن أصْحابِ رسول الله صلى الله عليه و آلِه و سلّم؛ كلُّهم أجْمعين، و الكَفُّ عن ذِكْرِ مَساوِيهم، و الخِلاف الذي شجَر بينَهم. و قال الإمام النّووي : اعلم أنَّ سَبَّ الصحابة حرام، من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأوِّلون. و قال الحافظ ابن كثير : البُهْتان الكبير أنْ يُحْكي أو يُنقلَ؛ عن المُؤمنين و المؤمنات ما لمْ يفْعلُوه؛ على سبيلِ العَيْب و التنقُّصِ لَهُم. و قال الإمام ٱبن البناء الحنْبلي : يجب الإِمْساك عن قِتال عليٍّ بن أبي طالب لِطلْحة، و الزبير، و عائشة، و مُعاوية، و تَلا قوْلَه تعالى: “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ و لَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” سورة البقرة 134 (9).
لكن عِبارة “خلَت” في الذِّكْر الحكيم؛ لا تعْني وُجوبَ التّرك؛ وعدَم الإقتراب بالخَوض، فقد ورَدت في نُصوص عِدّة؛ لِلدَّلالة على معْنى مضَت”؛ كما في قوله تعالى : “وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ” سورة الرّعد 6، جاء في تفسير الطبري : المثلات أي العقوبات المنكِّلات التي حلّت بالأمم السابقة. كما قال تعالى “وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ” سورة آل عمران 144 (10).
كما ورد ذِكْر أخبارِ الأُمم السابقة، كما في قوله تعالى : “إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚوَ إِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ” سورة فاطر 24، تثبيتاً لِنَبيِّه الكريم؛ صلى الله عليه و آله و سلم، إذ يقول : “وَ كُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَ جَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ” سورة هود 120.
فَإذا قال ٱبنُ عمر بن الخطّاب: “لا تَسبّوا أصحابَ مُحمَّد صلى الله عليه و آله و سلّم، فإنّ مَقامَ أحدِهم خيرٌ مِن عَمَلِ أحَدِكُم عُمُرَه كُلُّه”، فإِنّنَا نحنُ المُتأخِّرُونَ “أحْبابُ النّبِيِّ”؛ إشْتاقَ إليْنَا؛ وأصْحابُه أمامَهُ جَالِسُون؛ يَتلقَّانا على الحَوْضِ.(11)
وعلى ذِكْر الحَوْض؛ نُشِير للحديث المُصْطلح عليه بِحديث الحَوْض؛ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آله و سَلَّمَ : “إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ : سُحْقًا، سُحْقًا، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي” (12).
وبالتّالي فإنَّ ذِكْر ما حصَل؛ ليس سبّاً و لا قدْحاً؛ بِقَدْرِ ما هو إِحْقاقٌ للحقِّ؛ الذي تَطْمئِنُّ به القُلوب، و بهِ يرْتفع مَنْسوبُ الوعْي؛ و تَقْدَح في الأذْهانِ العِبَر.
ـــــــــــــــــــ
(1) رزيَّةُ الخميس هي واقعة سمّاها ٱبنُ عباسٍ بالرّزيّةَ أي المُصيبة التي دارت فصولها قُبيل وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوم الخميس في 25 صفر، سنة 11 هـ عند مرضه في آخر أيام حياته، إذ طلب من الحاضرين من صحابته إحظار كتف و ذوات من أجل كتابةَ كتابٍ “لا يضلّ المسلمون بعده أبداً”. فقال عمر بن الخطاب : “لقد غلب عليه الوجع، و حسبُنا كتابُ الله”. و لما تنازع الصحابة في ذلك من بقول بقول عمر، و من يريد الاستجابة لما يطلبه النبي. أمرهم النبي أن يخرجوا. هذه الحادثة ذُكِرت في أكثر من مصدر، بينما لم تصرّح مصادر أخرى بٱسم عمر بن الخطاب.
(2) الفتنة التي أدّت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان، في سنة 35 للهجرة، وٱستمرت إلى خلافة علي بن أبي طالب؛ و بذلك ٱنقسمت الأمة الإسلامية إلى فرق، تنازعوا و ٱختلفوا؛ ما أدى إلى حروب أهلية؛ و مقتل العديد من الصّحابة.
(3) جاء في الحديث الصحيح أنّ النّبي صلى الله عليه و آله و سلّم قال : “إفترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة، و ٱفترقت النّصارى على ٱثْنَتَيْن و سبعين فِرقة، و ستفترَّق هذه الأمّة على ثلاثٍ و سبعين فِرقة، كلُّها في النّار إلاّ واحدة” قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مِثْل ما أنا عليه و أصحابي. رواه أبو داود، و الترمذي، و ٱبن ماجّه، و الحاكم.
(4) سَقِيفة بني ساعدة هو المكان الذي ٱجتمع فيه الأنْصار في 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، بعد ٱرْتقاء النبي صلى الله عليه و آله و سلم، من أجل مبايعة أمير للمسلمين، فكان أن ٱختاروا في البداية زعيم الأنصار سعد بن عبادة، لكن بعد حضور أبي بكر و عمر بن الخطاب و أبي عبيدة بن الجراح إلى السقيفة، تمّت بيعة أبي بكر.
(5) فترات خلافة الخلفاء الراشدين : أبو بكر من 11 إلى 13 ه، عمر بن الخطاب : من 13 إلى 23 ه، غثمان بن عفان من 23 إلى 35 ه و علي بن أبي طالب : من 35 إلى 40 ه. جاء في كتاب التاريخ الاوسط للبخاري ج1 ص 195 : عن قتادة : ولي ابو بكر سنتين وستة اشهر وولي عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية عشر يوما وولي عثمان اثنتي عشرة سنة غير اثنتي عشر يوما وكانت الفتنة خمس سنين !! وولي معاوية عشرين سنة وولي يزيد بن معاوية ثلاث سنين واشهر وكانت فتنة ابن الزبير ثمان سنين وولي عبدالملك بن مروان اربع عشرة سنة وولي الوليد تسع سنين”.
(6) السبّ في معجم المعاني الجامع هو كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح لا يتضمّن أية واقعة معيّنة، أي عَيَّرَهُ، لَعَنَهُ و عابه، أهانه بكلام جارح سَبَّ الشَّيْءَ : قَطَعَه و سَبَّ الدَّابَّةَ : عَقَرهَا.
(7) معنى قدح في معجم المعاني الجامع ء معجم عربي عربي، يقال قَدَحَ الْخَبَرَ فِي صَدْرِهِ : أَثَّرَ، كما يقال قَدَحَتْ عَيْنُهُ شَرَراً : تَتَطَايَرُ شَرَراً، قَدَحَ ذِهْنَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ : فَكَّرَ فِيهَا طَوِيلاً قَدَحَ فِكْرَهُ، قَدَحَ فِي عِرْضِهِ : طَعَنَ فِيهِ وَعَابَهُ، قَدَحَ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ : طَعَنَ فِيهَا وَاعْتَبَرَهَا بَاطِلَةً.
(8) العدَد الكُلِّي لآيات القرآن الحكيم هو 6348 آية، و المسلمون يختلفون حتى في عدَد هذه الآيات، لأن الأغْلبيَّة العَدَدِية مِنْهم (السُّنّة و الجماعة)؛ لا يعتَبِرون البَسْملة من القرآن؛ فعدَد الآياتِ عنْدهم 6236 آية، بخِلاف الأقلّيّة (المذْهب الجعْفري)؛ الذين يعْتبرون البَسْملة من القرآن الحكيم؛ بِدليل قوله تعالي في سورة النّمل “إِنَّهُ مِن سُلَيْمَٰانَ وَ إِنَّهُ بِٱسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰانِ ٱلرَّحِيمِ” 30.
(9) قال الإمام الشوكاني : و جناب الصحابة أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَمَنِ انْتَهَكَ أَعْرَاضَ بَعْضِهِمْ فَقَدْ وَقَعَ فِي هُوَّةٍ لا يَنْجُو مِنْهَا سَالِمًا. و قال العثيمين : سَبُّ الصحابة على ثلاثة أقسام: الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم أو أن عامتهم فسقوا، فهذا كفر؛ لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين؛ لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كُفَّار أو فُسَّاق. الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح، ففي كفره قولان لأهل العلم، وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يُجلَد ويُحبَس حتى يموت أو يرجع عما قال. الثالث: أن يسبَّهم بما لا يقدح في دينهم؛ كالجبن والبخل فلا يكفر ولكن يُعزَّر بما يردعه عن ذلك. وقال: القدح في الصحابة رضي الله عنهم ليس قدحًا في الصحابة أنفسهم فقط؛ بل هو قدح فيهم وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدح في الشريعة، وقدح في الله سبحانه وتعالى؛ لأنه إذا صار القدح في الصحابة رضي الله عنهم، كان ذلك قدحًا في الشريعة؛ لأنهم هم الذين نقلوها إلينا، فإذا كانوا محل قدح وعيب فكيف نثق بالشريعة التي بين أيدينا وقد جاءت عن طريقهم؟ وإذا كان قدحًا في الصحابة كان قدحًا في النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أصحابه وأحبابه وناصروه على أعدائه، والقدح في الصاحب قدح في المصحوب، فالقدح في الصحابة قدح في الله وفي رسوله وفي شريعته والأمر أمرٌ عظيمٌ.
(10) ورد في تفسير الطبري، بخصوص الآية “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَ لَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، تعْنِي “تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ” إبْرَاهِيم وَ إِسْمَاعِيل وَ إِسْحَاق وَ يَعْقُوب وَوَلَدهمْ . يَقُول لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : يَا مَعْشَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى دَعَوْا ذِكْر إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَ إِسْحَاق وَ يَعْقُوب وَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَوْلَادهمْ بِغَيْرِ مَا هُمْ أَهْله وَ لَا تَنْحَلُوهُمْ كُفْر الْيَهُودِيَّة وَ النَّصْرَانِيَّة فَتُضِيفُوهَا إلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ أُمَّة وَ يَعْنِي بِالْأُمَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْجَمَاعَة، وَ الْقَرْن مِنْ النَّاس قَدْ خَلَتْ : مَضَتْ لِسَبِيلِهَا.
(11) في صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خرج إلى المقبرة، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض، فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، و أنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم، ألا هلم، ألا هلم. فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا.
(12) رواه البخاري 6212؛ و مسلم 2290.