على ماذا يقبل العالم في 2025؟

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس7 يناير 2025آخر تحديث : الثلاثاء 7 يناير 2025 - 11:25 مساءً
على ماذا يقبل العالم في 2025؟

معتز فيصل خضر ـ باحث في دراسات العولمة والعلاقات الدولية
لا يحتاج المتابع للشأن الأمريكي في الفترة الأخيرة، وتحديداً بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر من العام المنصرم 2024، إلى الكثير من الخبرة ليعلم أن ما تقبل عليه أمريكا والعالم سيكون له وجه مختلف كلياً عما عُرف سابقاً.

أحاول في عدد من الحلقات في هذه السلسلة “العهدة الثانية لدونالد ترامب: على ماذا يقبل العالم في 2025؟”، والموسومة بـ”ترامب وأمريكا: الاقتصاد والسياسة والمجتمع”، استشراف ما قد تؤول إليه الأوضاع في هذه الجوانب الثلاث في الداخل الأمريكي هذا العام وما يليه، تزامناً مع ما أسميته بالعهدة الثانية لدونالد ترامب، وذلك بعد النظر في خطابه السياسي ووعوده الانتخابية والمشاريع التي بشر بها على لسانه في لقاءاته الجماهيرية والإعلامية، وأيضاً تلك التي صرح بها كل من هو محسوب على حزبه السياسي الذي ينتمي إليه أو على صلة وثيقة بمعسكره وطاقم عمله من مستشارين ومساعدين.

وبعدها سأدلف إلى عدد من الحلقات أستشرف فيها علاقة حضور الظاهرة الترامبية بدول العالم، دولةً بدولة، وما يمكن أن تسفر عنه من تأثير في الاقتصاد والسياسة العالميين. ابتداءً من الشهر المقبل، إن شاء الله، سأخصص حلقة كل أسبوعين لعلاقة الظاهرة الترامبية بحيثيات الأمور في السودان ومستجدات أوضاع الحرب الراهنة في ضوء وصوله للسلطة.

وسألتزم في طرحي هذا، قدر الاستطاعة، بالإحالة إلى العديد من المصادر الموثوقة من مقالات وكتب ومنصات إعلامية ومجلات متخصصة ومراكز بحثية مما هو مقروء أو مسموع أو مرئي.

الحلقة الأولى من سلسلة حلقات “ترامب وأمريكا: الاقتصاد والسياسة والمجتمع”، عنوان الحلقة:”إنه الاقتصاد يا غبي!” It’s the economy, stupid!!

في البداية، يمكن للباحث في الشأن الأمريكي أن يجادل بأن هناك العديد من العوامل التي تضافرت لتسهم في عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة ثانية، بالرغم من كل العراقيل القانونية والسياسية التي اعترضت طريقه منذ هزيمته في انتخابات 2020 أمام المرشح الديمقراطي بايدن، وبالرغم من كل التحليلات والتكهنات التي أحاطت بشأنه في الأربع سنوات التي سبقت إعادة انتخابه مرة أخرى. إلا أن أهم هذه العوامل هذه المرة كانت بفضل استغلاله للأجواء السياسية والاقتصادية في البلاد، حيث استطاع استمالة الطبقة العاملة الغاضبة والمحبطة من تدهور أحوالها الاقتصادية في العقدين السابقين، ومن إعادة طرح نفسه والترويج لها كمرشح دخيل على المنظومة السياسية التقليدية ومعارض لقيامها وسلوكها. كما أنه، وبفضل هذا الخطاب، استطاع جذب مجموعات اجتماعية أخرى وأقليات لم تكن من ضمن القاعدة الاجتماعية التقليدية للحزب الجمهوري مثل قدامى المحاربين والمسيحيين الإنجيليين وداعمي السلاح وسكان الريف والمزارعين.

تسببت حادثة إعادة انتخاب ترامب مرة أخرى في صدمة كبيرة في أوساط معسكر الحزب الديمقراطي الأمريكي، وأثارت تساؤلات عن المسببات التي دفعت قطاعاً واسعاً من الناخبين الأمريكيين إلى التصويت لمرشح الحزب الجمهوري ترامب، من بينهم مجموعات وأقليات وطبقات اجتماعية كانت، ولفترة طويلة، محسوبة على القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي.

وبالرغم من تحذيرات العديد من النقاد والمتابعين للشأن الأمريكي للقائمين على الحزب الديمقراطي بالالتفات إلى مطالب هذه الطبقات بضرورة تحسين أوضاعها الاقتصادية المتدهورة، لم يعر الحزب الديمقراطي أي أهمية لهذه المسألة، ولم يأخذها بجدية كافية، وركز كل مجهوداته على قضايا فرعية تهم النخب مبتعداً عن طبقات كانت طوال تاريخه السياسي في قلب دائرة أولوياته الانتخابية.

كان رد الفعل المباشر على تساؤلات الحزب الديمقراطي ذات النبرة المصدومة الواضحة عن أسباب خسارتهم الانتخابات وتخلي قاعدتهم الكلاسيكية عنهم بعبارة: “إنه الاقتصاد يا غبي!!” It’s the economy, stupid!

وهي عبارة ساخرة مشهورة في الأدب السياسي الأمريكي، درج استخدامها لأول مرة من قبل المخطط الاستراتيجي للحزب الديمقراطي، جيمس كارفيل، على نطاق واسع لفترة طويلة منذ فوز المرشح الديمقراطي بيل كلينتون في الانتخابات الأمريكية في العام 1992 على المرشح الجمهوري جورج بوش الأب، في سياق الرد على الصدمة الواضحة لتساؤلات المحسوبين على الحزب الجمهوري عن مسببات خسارة بوش، وهو الذي رشحته كل الاستطلاعات في ذلك الوقت كمرشح أول للفوز في الانتخابات على بيل كلينتون، باعتباره مرشحاً صاحب خبرة سياسية واسعة وقدرة ناجحة على إدارة ملفات سياسية خارجية مهمة جداً مثل حرب الخليج والحرب الباردة.

استخدمت العبارة لتجيب عن هذا التساؤل بأنه “الاقتصاد يا غبي”، وذلك لأن جورج بوش اعتمد على سمعته بدلاً من أن يلتفت إلى الاقتصاد الأمريكي المنهك المار بفترة كساد في ذلك الوقت.
ــــــــــــــــــــ
قائمة المصادر
*العولمة هي عملية تزايد الترابط والتفاعل بين دول العالم في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، السياسة، الثقافة، والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تأثيرات متبادلة بين هذه الدول بشكل أسرع وأوسع. أنظر لمزيد من التفصيل:
Henry Olsen, Working Class Republican: Ronald Reagan and the Return of Blue-Collar Conservatism.
بيانات اقتصادية من معهد السياسة الاقتصادية (EPI) تؤكد ركود الأجور الحقيقية للعمال الأمريكيين خلال العقود الأربعة الماضية. أنظر:
– https://www.motherjones.com/politics/2024/12/what-is-the-economy-stupid-clinton-election-2024-democrat-identity-crisis/?fbclid=IwY2xjawHqeGNleHRuA2FlbQIxMAABHdSaDpA0jyJP6xIOYe3Mz1rLFODxe_gma81fVzxDcTjIEIUOxbwE9wgt0Q_aem_2UjKZ-7_ypdXKNQkLDF0XQ
– https://www.youtube.com/watch?v=xDa4DBiFS80
– https://youtu.be/xDa4DBiFS80?si=T7nXTqQqgvi_bzlJ

رابط صفحة الكاتب على فيسبوك:

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.