عصيد: من أجل التمييز بين الشعب و”الغوغاء”

أحمد عصيد
2020-09-25T16:32:46+01:00
آراء ومواقف
أحمد عصيد25 سبتمبر 2020آخر تحديث : الجمعة 25 سبتمبر 2020 - 4:32 مساءً
عصيد: من أجل التمييز بين الشعب و”الغوغاء”

أحمد عصيد
كتب الدكتور علي الوردي السوسيولوجي والمؤرخ العراقي في كتابه “الأحلام بين العلم والعقيدة”، الصادر سنة 1994، مميزا تمييزا دقيقا بين الشعب و”الغوغاء”، وهي فقرات ذات دلالة بالغة، حيث تشرح لنا الكثير مما يجري من حولنا حاليا، تقول الفقرات:

” أود أن أصارح القارئ بقول قد لا يرتضيه مني، هو أني كنت في العهد البائد أخشى من غضب الحُكام، وقد أصبحت في العهد الجديد أخشى من غضب “الغوغاء”. وأرجو من القارئ أن لا يسئ فهم قولي هذا. فـ”الغوغاء” ظاهرة اجتماعية موجودة في كل مجتمع، شهدنا أثرها في العراق كما شهدناه في مختلف البلاد والمجتمعات. وكلما اشتد الجهلُ في بلد ازداد خطر “الغوغاء” فيه.

(…) وقد أشار إلى خطر الغوغاء مفكرون لا نشك في نزعتهم الشعبية والديمقراطية. أشار إليه ماركس وانجلز في “البيان الشيوعي”. وأشار إليه علي بن أبي طالب قبل مئات السنين، حيث قال عن الغوغاء أنهم همج رعاعٌ ينعقون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح، وقال عنهم كذلك إنهم الذين إذا اجتمعوا ضرّوا وإذا تفرقوا نفعوا.

(…) والواقع أن الشعب غير الغوغاء، فإرادة الشعب تتمثل في القرارات الهادئة الرصينة التي تنبعث من مصلحة الأكثرية. أما الغوغاء فكثيراً ما تظهر أصواتهم بشكل هياج محموم لا رادع له ولا هدى فيه.

لا ننكر أن الشعب و”الغوغاء” قد يظهران في جبهة واحدة في بعض الأحيان، ولكن هذا لا يجيز لنا أن نخلط بينهما في جميع الأحيان.

(…) وحدث لي شخصياً، ذات يوم أن شاهدت جماعة من “الغوغاء” يجرون بالحبل جثة شخص ويمثلون بها فلم أر فيهم رجلاً يحترم نفسه. عند هذا تذكرت قول الإمام الآنف الذكر. فهؤلاء الذين يقومون بمثل هذا العمل الفظيع لا نتوقع منهم عادة أن يكونوا مواطنين صالحين.

وقد دلتْ الأبحاث الاجتماعية الحديثة أن الكثيرين منهم يندفعون في أفعالهم الغوغائية تحت تأثير دوافع دنيئة كامنة في أعماق نفوسهم. فهم لا يستطيعون أن يحققوا تلك الدوافع في الأوقات الاعتيادية، ولهذا نراهم ينتظرون الفرصة المؤاتية لهم، وقد تأتيهم الفرصة إثناء التظاهرات والانتفاضات الشعبية، فيدسون أنفسهم بين صفوف الشعب ويستغلون فترة الحماس السائد فيندفعون في القتل والمثلة وهم فرحون مستبشرون”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.