11 يونيو 2025 / 10:05

عريضة شعبية تعيد الجدل حول الذبح الديني في بريطانيا إلى الواجهة

ناقش مجلس العموم البريطاني، يوم الاثنين 9 يونيو 2025، عريضة إلكترونية تجاوزت 100 ألف توقيع، تطالب بحظر ذبح الحيوانات دون صعق مسبق، وهو ما أعاد إلى الواجهة نقاشا معقدا يتقاطع فيه البعد الديني بالحساسية الأخلاقية المتعلقة برفاهية الحيوان، في ظل انقسام ملحوظ بين النواب ومواقف متباينة من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الدينية.

وأعرب مقدّم العريضة، مارتن أوزبورن، عن رغبته في تقنين الذبح عبر الصعق باعتباره أكثر رحمة، مشددا على أن دوافعه نابعة من حرصه على الحد من معاناة الحيوانات، لا على المساس بحقوق الأقليات الدينية.

وقد شهدت الجلسة مداخلات متعددة نوّهت بأهمية ضمان رفاهية الحيوان، في حين اعتبر عدد من النواب أن النقاش في جوهره يتعدى مسألة الرفق بالحيوان، ليكشف عن نزعة متزايدة نحو التمييز ضد المسلمين واليهود، الذين يلتزمون بطقوس الذبح الديني حسب الشريعة الإسلامية والتقاليد اليهودية.

ووفقا لبيانات وكالة معايير الغذاء البريطانية، فإن حوالي 2.9% فقط من اللحوم في البلاد تُنتج دون صعق، وتشكل اللحوم الحلال غير المصعوقة 2.6%، بينما تمثل اللحوم الكوشير 0.5%، في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى أن نحو 88% من اللحوم الحلال تخضع لعملية الصعق المسبق وفق بروتوكولات تراعي المعايير الدينية.

وقدّم عدد من النواب المسلمون واليهود مرافعات دفاعا عن الطقوس الدينية، مؤكدين أن طريقة الذبح التقليدي الإسلامي واليهودي لا تهدف إلى تعذيب الحيوان بل تراعي احترامه، وتُنفذ وفق معايير صارمة تضمن تقليل الألم إلى أدنى حد، وأعربوا عن قلقهم من استخدام هذا الملف كأداة لتغذية الخطابات المعادية للأقليات.

وفي المقابل، دعت جهات بيطرية كالجمعية الملكية للرفق بالحيوان وجمعية الأطباء البيطريين إلى مراجعة الاستثناء الديني، مشيرة إلى وجود أدلة علمية على أن الذبح دون صعق قد يسبب معاناة إضافية، وطالبت بإدراج طريقة الذبح على بطاقات التغليف، وتمكين المستهلك من معرفة مصدر اللحوم التي يشتريها.

وأكد وزير الأمن الغذائي والشؤون الريفية، دانيال زيشنر، أن الحكومة البريطانية تفضل الذبح بعد الصعق، لكنها تلتزم في الوقت نفسه باحترام حرية المعتقد الديني، مشيرا إلى أن القوانين المعمول بها منذ ثلاثينيات القرن الماضي تسمح بالذبح الديني وفق ضوابط خاصة، كما أعلن عن قرب إصدار استراتيجية جديدة للحكومة بشأن الرفق بالحيوان، ستتضمن خطوات لتحسين الشفافية، وتدعيم مراقبة مسالخ الذبح.

وخلصت الجلسة إلى التأكيد على ضرورة مقاربة الموضوع بنزاهة وحساسية، تحفظ التوازن بين الالتزام برفاهية الحيوان، واحترام الخصوصيات الدينية في مجتمع تعددي، مع تعزيز النقاش العلمي والشفاف بشأن شروط الذبح، وسُبل تعزيز الوعي الاستهلاكي دون شيطنة أي فئة مجتمعية.