25 أبريل 2025 / 08:00

“صلاة القلق” تفوز بجائزة البوكر العربية لعام 2025

أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر”، مساء أمس في أبوظبي، عن فوز رواية “صلاة القلق” للروائي المصري محمد سمير ندا بجائزة الدورة لعام 2025، متفوقة على 123 رواية أخرى نُشرت بين يوليو 2023 ويونيو 2024.

واستطاعت الرواية، الصادرة عن دار مسكيلياني للنشر، أن تثير اهتمام لجنة التحكيم التي رأت فيها عملا أدبيا ينقل القلق الإنساني من فضائه النفسي الخاص إلى فضاء جمالي وفكري عام، يُثير في القارئ تساؤلات وجودية ويعيد تشكيل علاقته بالتاريخ والواقع والذاكرة.

ينتمي العمل إلى النوع الروائي الذي يمزج بين البنية الرمزية وتعدد الأصوات، حيث تُروى الأحداث من خلال ثماني شخصيات مختلفة، مما يخلق فسيفساء سردية مكثفة تعكس الصراع الداخلي والخارجي في فضاء مغلق ومضطرب.

وتدور الأحداث في قرية مصرية منسية تهزّها في عام 1977 حادثة غامضة لانفجار مجهول المصدر، يحوّلها إلى ما يشبه المعزل، فتبدأ تشققات الواقع بالظهور وتتفاقم التوترات بين من يطالبون بالحرية ومن يفرضون القمع باسم النظام.

وعلى الرغم من أن الرواية تتقدم زمنيا، إلا أنها لا تتخلى عن استدعاء الماضي، لا سيما المرحلة الممتدة من نكسة 1967 إلى أواخر السبعينيات، فتغدو الذاكرة جزء من البنية السردية لا من سياقها فقط.

وتأتي هذه الجائزة لتكون أول تتويج مصري بالجائزة منذ عام 2009، ولتمنح ندا، الذي يشارك للمرة الأولى في قوائم البوكر، مكانة متقدمة بين كتاب الرواية العربية المعاصرين.

وتتناول الرواية، ضمن طبقاتها المتعددة، تلميحات إلى وقائع حقيقية مرتبطة بأحداث عنف في مستعمرة لمرضى الجذام في مصر، حيث تندمج المعلومة التاريخية مع الخيال الفني لإنتاج نص يتجاوز الواقعة ليطرح سؤالا أوسع: من يكتب التاريخ فعلا؟ هل هو صوت السلطة، أم أصوات المهمّشين والمتمردين التي لا تموت؟

وهكذا تتحول “قرية المناسي” إلى رمز لجيل مشوّه، وجد نفسه محاصرا بين خطاب سلام زائف ومصير غير مكتمل.

وقد نافست رواية “صلاة القلق” في القائمة القصيرة لهذا العام أعمالا لخمسة كتاب من موريتانيا والعراق وسوريا ولبنان والإمارات، ليؤكد فوزها مجددا الحضور المتجدد للرواية العربية وقدرتها على مساءلة الماضي واستنطاق الحاضر ضمن أطر سردية جريئة ومبتكرة.

وتهدف الجائزة، التي يرعاها مركز أبوظبي للغة العربية، إلى إبراز التميز في الأدب العربي المعاصر وتشجيع ترجمته إلى لغات عالمية، وتعد واحدة من أبرز المحطات الأدبية في العالم العربي.

تنقل محمد سمير ندا، المولود في بغداد عام 1978، في طفولته بين العراق ومصر وليبيا، قبل أن يستقر لاحقا في القاهرة، حصل على بكالوريوس التجارة، وبدأ مسيرته الأدبية برواية “مملكة مليكة” سنة 2016، ثم “بوح الجدران” في 2021، وصولا إلى “صلاة القلق” عام 2024، وهي الرواية التي فتحت له باب الاعتراف الأدبي الواسع.

وينتمي ندا إلى بيئة ثقافية راسخة، فهو نجل الكاتب الراحل سمير ندا (1938–2013)، أحد الأسماء المعروفة في المشهد الثقافي المصري.