اغتنت الساحة الفكرية والعلمية المغربية بمجلة علمية فصلية صدرت عن المجالس العلمية المحلية لجهة الرباط سلا القنيطرة، تحمل عنوان “محاسن المجالس”؛ وهي مجلة ثرية بالمقالات العلمية والمشاركات الوازنة والأبواب المتنوعة، وقد خصص ملف العدد الأول لموضوع: “السلام والأمن في المرجعية الإسلامية: المقومات والتحديات”.
في مقدمة هذا العدد، يقول د. محمد بوطربوش، المدير المسؤول ورئيس التحرير، موضحا الموجِّهات والمقاصد المؤطرة لإصدار هذه المجلة: “يأتي إطلاق مجلة علمية باسم المجالس العلمية المحلية لجهة الرباط سلا القنيطرة في سياق تثمير العمل العلمي الجهوي وتثمينه؛ ذلك أن إخراج مجلة بهذا الأفق يمثل، من ناحية، استجابة لاحتياج علمي وفكري وروحي ما فتئ يتفاقم في الجهة، كما يشكل هذا الإطلاق عنصرا بنائيا ضمن استراتيجية توحيد عمل مجالس الجهة من ناحية ثانية، مثلما يفسح، من ناحية ثالثة، فضاء علميا تواصليا تتفاعل فيه الرؤى وتتلاقح فيه الأفكار بين المكونات العلمية في الجهة، ثم بينها وبين غيرها، الأمر الذي يتيح إمكانية خصيبة لإضاءة الأسس المعرفية والدينية والأخلاقية والاجتماعية لثوابت عمل أهل المغرب في التدين، وكذا تبيان وترسيخ مميزات ثقافتهم الروحية وتاريخهم الديني المتفرد والمخصوص”.
وعن سر اختيار عنوان “محاسن المجالس”، يضيف د. بوطربوش: “ولعل في اختيارنا لعنوان كتاب الصوفي الكبير دفين مراكش أبي العباس بن العريف (تـ 536هـ) “محاسن المجالس” عنوانا لهذه المجلة أوضَحَ دلالة على انخراط هذه المجلة في العناية بالموروث الديني المغربي من جهة، وكذا في العمل من داخل الإطار الجهوي طلبا للانفتاح والتفاعل مع هذا الموروث الباذخ على الصعيد الوطني من جهة ثانية؛ فضلا عما في هذا العنوان من إيحاء إلى مؤسسات المجالس العلمية بالجهة بما هي مجالس ذكر ومذاكرة وتذكير. ولا يعني حديثنا هنا عن “المحاسن” أي إيحاء بالمدح المجاني لهذه المؤسسات بقدر ما يعني تحملها المسؤولية، والبحث عن الحسن والإحسان في ما تقدمه وتسعى إلى بلوغه من مرام جليلة ومقاصد نبيلة، في عناية لازمة وضرورية أيضا بالفكر النقدي البناء الذي من شأنه الإسهام في تصحيح المسار وتنوير السبيل أمام الأمة نحو النهوض والانبعاث”.
وفي تعليل اختيار موضوع “السلام والأمن في المرجعية الإسلامية: المقومات والتحديات” ملفا لهذا العدد الأول يقول مدير التحرير: “…غني عن البيان ما يمثله سؤال السلام والأمن في سياقنا الفكري الإسلامي المعاصر؛ خصوصا إذا استحضرنا ارتفاع منسوب الحديث عن الحاجة للأمن الروحي في راهننا الوطني والإقليمي والعالمي، زد على ذلك ما ألصق بالإسلام من تهم باطلة تنعته بالعنف والإرهاب، وتستغل انتحال بعض المتشددين لاسمه من أجل تشويه صورة الإسلام وتخويف الناس منه وتقديمه على غير حقيقته بوصفه دينا عنيفا مناوئا لثقافة السلام، فيما ديننا الحنيف من ذلك براء كما يعلم كل مطلع أمين ومنصف حصيف. لذا كان من مقاصد الدراسات والمقالات الواردة في هذا الملف الإسهام في تبيان حقيقة السلام والأمن في المرجعية الإسلامية، سواء في نصوص الوحي المؤسسة أو في الرؤى والمعارف الإسلامية المشكلة انطلاقا منها وفي ضوئها”.
على أن العددَ غني أيضا بمقالات رصينة تكميلية ومتنوعة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والعقيدة الأشعرية والتصوف، مثلما ينفتح على القوافي الشعرية الرفيعة الهادفة، ويوثق ضمن باب “متابعات” لبعض أبرز أنشطة مجالس الجهة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=11850