بقلم الطالب: أسامة البحري
الجزء الأول: نسق التعليم
“إن طرق التدريس هي أساليب نقل للمعرفة و الخبرة و مضامين المنهاج إلى المتعلمين ، باستخدام نظريات التعلم و غير ذلك من نظريات التربية و تقنيات ذات علاقة بطبيعة المعرفة و نظامها و منهجيتها ، و طرق إكتسابها أو تعلمها بطرق مختلفة مثل التلقين ، أو الإكتشاف ، أو المناقشة ، و الإستقراء و نماذج التعلم الجماعي ، حل المشكلات ، التعلم الذاتي ، و غير ذلك من أساليب في إطار التعلم الذاتي أو الجماعي ، و لكن طريقة التدريس الرئيسية الموجودة على نطاق واسع في معظم المدارس المغربية هي التلقين 1″ ، فعامل التلقين هذا الذي نعته باولو فريري بالتعليم البنكي ، أو المونولوج المنفرد ، بتعبير محمد دويدار ، يحصر الذهن المتلقي بين عملتين : التكرار الآلي للأفكار المسلم بها في المحاضرات ، ثم نسخها بدقة كما هيK و بهذه العملية الأحادية ، يستبعد الوعي عن قدراته التحليلية و عن قدرته الإبداعية – الإبستيمية التي تخص ذكاءه.
ولهذا فـ”كثيرا ما يرتبط التلقين في المدرسة العربية بغياب التعزيز و التشجيع ، و سيطرة العقاب البدني ، فمن علامات السلطوية في التعليم العربي بشكل عام ، قلة أهمية الإقناع و المكافأة ، و التركيز على العقاب الجسدي و التلقين ، و العامل المشترك بين التلقين و العقاب هو أن كليهما يركزان على السلطة ، و يقودان إلى الخضوع ، و يجعلان المتعلم أكثر إذعانا 2”.
وبهذا فـ “لم يكن المطلوب من السلطة هو معالجة الجسم ككتلة ، بالجملة ، كما لو كان وحدة غير قابلة للانفصام ، بل بالشغل عليه في التفصيل ؛ و بإخضاعه لإلزام مضبوط دقيق ، و تأمين متماسك على مستوى الميكانيك بالذات : حركات – إيماءات- مواقف –ذكاء- سرعة 3”. فمثلا ، نجد أن “التعليم العالي ، بصورته الحالية ، يركز على مجال واحد هو المعرفة النظرية الإسترجاعية ، الذي يقوم على تنمية الذاكرة الصماء ، و يهمل بالتالي زيادة قدرات الإنسان في التعامل مع ماحوله من ظواهر و أحداث 4”. و بهذا فإن النظام التعليمي ، يتمم عمل البناء الإجتماعي للأجساد ، فإذا كانت غاية السلطة حسب ميشال فوكو هي خلق الإنسان الآلة ، فإن التوجيهات المراد منها “تدجين الجسد” ، يجب أن تكون في الأماكن التي يدافع عنها “الوعي الجمعي بتعبير دوركهايم ” كالمسجد – المدرسة – الإعلام الخ ، وبهذا يمكننا القول بأن المعتقد doxa توجد داخله السلطة.
وبما أن الضمير الجمعي يتمخض كوسمولوجيا (احتكاك مع الطبيعة ، تتمخض عنها تأويلات ووعي جمعي) ، فإن الأفراد عبر طبيعة تكوينهم العقلي يتلهفون إلى المعرفة أو التطبع الإجتماعي (التنشئة الإجتماعية) ، وعبر هذه العلاقة الطبيعية تنتقل الثقافة التي تتواجد فيها السلطة قبليا ، فيصبح للذهن : هابيتوسا أو رأسمالا ثقافيا يخلق في إستمرار توجيهات و إستعدادات ، تجعل الفرد معتبرا أفكاره المتطبع بها حقيقة مطلقة. وبما أن هذه الإستعدادات حسب تعبير بورديو ، ناتجة عن بنية إجتماعية و ثقافية ، فإن السلطة حسب فوكو توجد داخلها ، و بذلك تؤدي كل الإستعدادات إلى ظهور إنضباطات مزمنة : تراقب الجسد عبر ذهنه المنمط والمتطبع ثقافيا ، أي عبر السلطة الداخلية (المتواجدة بذاكرة الفرد) والخارجية التي تتداخل فيها كل المؤسسات التي تجسد السلطة.
و بذلك فإن عامل التلقين هو جزء من مجموع السلطة المتواجدة داخل ذهن الفرد ، لأن عملية التطبيع الإجتماعي * تتداخل فيها العديد من القنوات التي تواكب تطور الذهن منذ طفولته إلى مماته، كالتلفاز الذي يروض الذهن منذ نعومة أظافره على”المشاهدة بدون مشاركة ” ، المسجد ، الخلية النووية (الأسرة) ، و بما أن المنهج الإبستيميه/المعرفي المعتمد في التنشئة الإجتماعية ، يتمحور أساسا على تقديس (الوعي الجمعي بتعبير دوركايهم ) أو (العقل الأسطوري بتعبير بورديو) ، فإن المنهج المكتسب عبر عمليه التطبع الإجتماعي ، سينعكس صداه بكل محتوى يهيأ من طرف السلطة، و بذلك ف”إن عددا من المناهج الدراسية العربية مقتبس من المناهج الغربية ، بما في ذلك بعض المناهج الجامعية ، و كل ما جرى في كثير من الأحيان هو ترجمتها و فرضها على الطلاب العرب 5″ .
وبما أن لكل ذهن حسب دوركهايم : كثافة ديناميكية1: densité dynamique ** ، أو نسق من الصور السوسيو – ذهنية *** ، فإن الجسد يصبح له رأسمال ثقافي بتعبير بورديو ، يميل هذا الأخير الخاص بنا (الثقافة العربية ) إلى الإعلاء من الماضي المتمظهر – فينومينولوجيا ، و بهذا فإن العلاقة التي ستتمخض بنسق التعليم العربي ، الذي يضم منهجا حداثيا مترجما ، و منهجا مكتسبا عن النسق الأسطوري – العربي المقدس للماضي ، هي علاقة تضاد و انفصام، ناتجة عن لا إستيعاب ” الطالبات و الطلبة /التلاميذ و التلميذات” نوعية النظام التعليمي المتمظر أمامهم ، و بهذا فما يقع بالمدرسة حسب السوسيولوجي بيار بورديو، هو إعادة إنتاج للثقافة البورجوازية ، عبر إستعدادها المسبق بنظام تربيتها ، الذي يجعلها مهيأة على إستيعاب المناهج العلمية المترجمة ، على عكس الثقافة الكادحة التي تقصى بكونها تربى على مؤهلات خرافية و غير علمية ، لا تمكنها من إستيعاب النظريات أو الرموز اللغوية الأجنبية ، و طبعا هذا ما نعته محمد أركون : بالجهل المؤسس البنيوي ، فهو لا يعزى إلى جهة واحدة ، بل هو كما سنعرض مع ميشال فوكو : موجود في الذهن أولا ، عبر السلطة التي تحيط بالذهن من كل المواضع (التنشئة) و في كل المواضيع المؤسساتية التي تتفرع الى اجتماعية و سياسية.
ولهذا فما يتمخض عن عملية الحشو هذه “الاجتماعية / السياسية”، هو كائن ثقافي “انثى /ذكر” يمتلك هابيتوسا حسب تعبير بورديو ، و الذي يعني لنا سوسيولوجيا: “أنساق من الإستعدادات المستدامة و القابلة للنقل ، إنها بنى مبنينة ، قابلة مسبقا ، للإشتغال بوصفها بنى و مبادئ مولدة ، و منظمة لممارسات و تمثلات يمكن لها موضوعيا ، أن تتأقلم مع هدفها ، من دون افتراض رؤية واعية للغايات و التحكم الصريح في العمليات الضرورية من أجل بلوغها 6” ، وبذلك فإن “المعلمة أو المعلم الذي يتم تكوينهما بالتلقين ؛ يصبحان أسيران له 7”. فـ “قد أظهرت نتائج ثلاث دراسات ميدانية أجريت حول طرق التدريس المستخدمة في ثلاث جامعات عربية ، أن طريقة التدريس الأكثر استخداما فيها هي المحاضرة ، و عززت إحدى تلك الدراسات شيوع المحاضرات الى كثرة عدد الطلاب و قلة المحفزات للتجديد والتطوير ، و ضعف ضبط الصف ، ووجود مقررات تقليدية و ضعف رغبة الطلاب في المشاركة 8”.
وقد بينت دراسة أخرى حول النظام الإبستيميه الخاص بالكتب المدرسية العربية ، أن هذه الكتب لا تحاول تقديم تفسير الأحداث و لا وجهات نظر متعارضة ليلم الطالب بجميع الجوانب ، فما تفعله هو تعويد “الطالب التفسير الواحد و الرأي الواحد 9” ، فهنا يتبين لنا أن النظام الأكاديمي العربي ، يخالف جذريا نظام التدريس الذي كان في العصر الأموي و العصر العباسي ، فقد “كان العلماء يتمتعون بحرية فكرية واسعة في مجال اختيار المنهج و طرق التدريس و المراجع ، كما كان الطلبة أحرارا في اختيار المدرس الذي يتلقون العلم على يديه 10 “.
وقد بين يزيد السورطي في أطروحته هذه حول التدريس العربي، أنه لا يوجد “تعريف دستوري أو قانوني للحرية الأكاديمية ، فقد كان هذا المفهوم و لازال متغير المضمون 11” ، فهنا نفهم جيدا أن النظام التعليمي هو جزء من “ميكرو-فيزياء -السلطة *” حسب تعبير ميشال فوكو ، فهي جزء من التعاليم الرمزية التي تحرك الإجتماعي عبر الاستراتيجيات الموضوعة بكواليس المجتمع ، الموجهة للنظام الذهني- المعرفي كما عرضنا و للنظام الجسدي كما سنبين الآن ، ففي هذا الصدد يرى ميشال فوكو في عمله “المراقبة و العقاب – القسم الثالث : الإنظباط – الأجساد الطيعة ” أن بالقرن السابع عشر إنعكس نظام فضاء المدرسة و المصانع ، عن المؤسسات الإنضباطية المعروفة : السجن / المعسكرات / الشعائر الدينية (الصلاة) ، و بهذا فقد تسرب مفهوم الصف المتواجد بالمدرسة ، عن الصف المتواجد بالمعسكر و الصلاة و السجن ، و قد انتقلت فكرة المرتبة أيضا عن نظام المعسكرات ، “فهذا الفضاء إذن ، جعل الرقابة ممكنة على كل فرد ، فقد عمل على تشغيل الفضاء المدرسي كما لو كان آلة للتعليم ، و لكنه في الأصل آلة مراقبة 12”.
ومن خلال النظام الجسدي – الإنضباطي الذي هاجر حسب تعبير ميشال فوكو ، استنادا بمشروعية السلطة من حقل الأجساد الطيعة (السجون / المعسكرات / أماكن الصلاة ) ، إلى فضاء المدرسة ، كان من البديهي حسب ميشال فوكو أن ينسخ نظام البناء أيضا ، من السجون الى فضاء التعليم ، و بذلك فإن الهندسة البنائية لفضاء التعليم “تحدد أماكن معينة و تدل على قيم : فهي تضمن طاعة الأفراد ، وأيضا تنظم الوقت و الحركات ، فإنها فضاءات مختلفة ؛ واقعية ، لأنها تتحكم في الأجساد عبر استخدام الأبنية و القاعات 13 ” ، فغايتها هي تطويق الإنسان عبر بناء هندسي-رمزي مخطط له ، مهيأ قبليا لزرع شعور المراقبة الرمزية من أجل خلق العقاب اللاشعوري ، فعامل الإنضباط إذن حسب فوكو يستبعد الذهن و يدمج الجسد في انساق المؤثرات المخطط لها.
ويظهر ذلك في نظام تقسيم الوقت الذي ظهر فجأة حسب فوكو بفضاء التحصيل العلمي و في المصانع : الدخول في وقت محدد / الاستراحة في وقت محدد / الخروج في وقت محدد ، طريقة الدخول / مكان الدخول / طريقة المشي ، فهذا كله يدخل في عوالم خلق الإنسان الآلي (أنثى/ذكر) ، و بهذا فإن أنساق المعرفة المتموضعة (بقبضة السلطة ) ، تختلف جذريا حسب فوكو ، عن أبعاد المعرفة التي يحاول الأفراد التوصل الى اسسها ، فـ”إن الفرع المعرفي الخاص بالسلطة ، مبدأ لمراقبة عملية إنتاج الخطاب ، فهو يعين لها حدودا بوساطة لعبة هوية ، تأخذ شكل عملية بعث دائم للقواعد 14″ ، بمعنى أن قواعد التحكم في الأذهان والأجساد ، تتداخل فيها كل أبعاد الإجتماعي و السياسي ، فهي من مهدت الطريق لتسرب نظام المعسكرات الى المدرسة ، و هي من غيرت فضاء الإعدام إلى دور الحجز و مستشفيات الطب النفسي ، لا من أجل فرض السيطرة المادية الملموسة و المحسوسة المتمحورة على الجسد وحده ، بل من أجل الإلمام بالذهن و ما يستديربه من أفكار و ما ينسج داخل ذهنه من ألفاظ تحرك إرادة الجسد ، تتحكم في كل عضو بسيط أو معقد منه ، فالجسد داخل المدرسة من المنظور الفلسفي المعاصر لفوكو هو عبارة عن ميكانيزمات تلتقي فيها السلطة بغاياتها، مخلفة عبر إستراتيجية الإلتقاء هذه ، تكنلوجيا للجسد تنتقل عبر الجسد الإجتماعي بأكمله.
ومن زاوية أخرى نجد أن التفسير السوسيولوجي المعاصر للمدرسة مع بيار بورديو و كلود باسرون ، قد سلم عبر دراسة ميدانية و تفقد للإحصائيات ، أن المتعلمين يأتون إلى المدرسة مختلفين في التراثبية الإجتماعية و الطبيعية ، فيجدون حسب بورديو و باسرون : نظاما مؤدلجا ، يميل إلى الدفاع عن ثقافة الطبقة العليا ، فالمدرسة حسب السوسيولوجيين بورديو و باسرون تدافع عن التراتبية الطبقية ، عبر دروسها التي تقسم المجتمع إلى طبقات ، و بذلك فإنها تساهم رمزيا في إعادة إنتاج الوضع ذاته ، فقبل ولوج الأطفال إلى المدرسة ، يكونون غير متساوين ثقافيا ، فكل و رأسماله الثقافي الذي يضم ثلة من الألفاظ التي تعبر عن درجة معينة من التفكير.
وفي هذا الصدد يقول بورديو ” إن الرأس المال اللغوي لا يكف دوما عن مزاولة تأثيره ؛ إن الأسلوب دوما مأخوذ بالحسبان في كل مستويات المسيرة 13″ ، بكون الرأسمال اللغوي / الثقافي هو من يشكل إستعدادات تؤدي إلى تكوين المسار الذي يتداخل فيه المدرك الخارجي ، و لكن حينما نستشف رأسمال الثقافة الكادحة ، فإننا نجد ألفاظا ك”حشومة / عيب / الغول / الشيطان ” لن تمكن الذهن من فهم أحدث النظريات العلمية حول دماغ الإنسان أو حول أثر اللاشعور في الشعور ، على عكس الرأسمال الثقافي البورجوازي ، الذي يتكون مجمله
من مفاهيم علمية حول تعدد الذكاء مثلا و اللاشعور الخ ، و بذلك فإن المدرسة حسب بورديو و باسرون يوجد فيها نظام قيمي مستنبط بعمق من الرأسمال الثقافي الخاص بالطبقةالعليا ، تؤدي الى إقصاء بنات و أبناء الطبقة الكادحة بسبب لا إستعدادهم لفهم الأفكار الأكاديمة المنظمة بإحكام ، و بذلك فالمدرسة حسب بورديو تعيد إنتاج الطبقات ذاتها : إبن فلاح سيبقى عالقا في الطبقة الدنيا ، و ابن أستاذة جامعية / إبنة أستاذ جامعي : سيعاد إنتاجهما في الطبقة العليا.
2 : مؤسسة السجن
“السجن أقل حداثة عندما يجعل منشأه مع نشأة القوانين الجديدة ، إن شكل السجن سبق في وجوده إستخدامه المنهجي بموجب القوانين الجزائية ، فقد تشكل خارج الجهاز القضائي ، عندما وضعت عبر الجسم الإجتماعي كله ، الإجراءات من أجل تفريق الأفراد، و تثبيتهم ، و توزيعهم قضائيا و تصنيفهم و استخراج أقصى ما يمكن الوقت منهم، و أقصى ما يمكن من القوى ، و تقويم أجسادهم و تقنين سلوكهم ، و تقنين سلوكهم الدائم ، و إبقائهم ضمن دائرة الرؤية التي لا ثغرة فيها 14” فالسجن حسب فوكو لم يلفظ من عدم ، بل هو مؤشر لبعد رمزي كان موجودا ، و لا زال موجودا ، فكل بناية أو مؤسسة هي تكدس لبناء رمزي يفر عن قبضة السلطة ليظهر ، ثم يختفي مرة أخرى بأمر من السلطة ليظهر في حلة أخرى ، فالتعذيب عبر إراقة الدماء إختفى حسب فوكو ، ليظهر داخل بناية السجن ، ثم اختفى لكي يتجسد في الإختراع الذي تم إبتكاره بالقرن الثامن عشر و هو الشرطة.
ثم انتقل حسب فوكو من جسد الشرطي إلى اللغة ، فظهرت شرطة للملفوظات : حرام / حشومة / عيب ..، داخل كل القنوات : الراديو / التلفاز / الهاتف / التعليم المؤدلج / المصحات النفسية : التنمية البشرية ..الخ ، و بهذا فإذا عدنا مع ميشال فوكو إلى الفصل الأول من عمله المراقبة و العقاب ، سنجده يعرض لنا جسد “داميان” المحكوم عليه بالإعدام ، كدليل على نوع التعذيب الذي كان بما قبل العصر الكلاسيكي ، فقد كان الجسد يحرق بالزيت الساخن و الكبريت المذوب ، ثم يمزق لحمه و تحطم عظامه، و في الأخير يفصل بحصانين ثم يحرق كل نصف أمام كل أفراد المجتمع ، فقد كان هذا العرض السوسيو-مسرحي ينطوي على غاية أساسية، هي : إظهار مصير كل من يخالف القواعد المنظمة للتفكير الإجتماعي ، فقد كان الأمر كما يشبهه فوكو : مسرحا لإستعراض ما لا تريده السلطة أن يكون ، و “اتجه العقاب بعدها ليصبح الجزء الأكثر خفاء في العملية الجزائية ، مما أدى إلى عدة نتائج لم تعد ضمن مجال الرؤية و المشاهدة شبه اليومية ، بل أصبحت داخل مجال الوعي المجرد 16″.
و في هذا الصدد إستشهد ميشال فوكو بروش ، قائلا :” لا أستطيع أن أمنع نفسي من الأمل بأن يكون غير بعيد الوقت الذي تصبح فيه المشنقة و منصة الإعدام و السوط و الدولاب في تاريخ التعذيب ، معتبرة من علامات بربرية العصور و البلدان ، و معتبرة كدلائل على ضعف تأثير العقل و الدين على النفس البشرية 18 “، فقد ” انتقلت العقوبة من الأحاسيس التي لا تطاق إلى نظام إقتصاد للحقوق المعلقة 19 “، وبهذا فإذا ما عدنا إلى أول سجن ظهر بتاريخ العرب ، سنجده قد تمحور بالمسجد ، فقد كان ” كثرة السجناء دليل على عدم تنفيد الحدود الشرعية المشرع بها 20 “. فهنا يتبين لنا ببداهة أن القوانين التي كان يتأسس عليها نظام السجن العربي ، ذات خلفية دينية محضة ، و بذلك كان ينظر الى السجن العربي، ما قبل القرون الوسطى أنه ” خير و مصلحة للسجين و الناس عامة ، فهو مصلحة للمسجون حتى لا يقع في الحرام 21″.
وكما نلاحظ الآن ، فقد تأسس السجن من أجل خدمة الدين ، و أول مكان ظهر فيه الحبس هو المسجد النبوي “فقد حبس فيه بعض الناس مقيدين إلى الأعمدة ، و من هؤلاء ثمامة ابن آثاء الحنفي 22” ، ثم تطورت فكرة السجن هذه من المسجد إلى البيوت ، إلى الخيام ، و بعهد الخلفاء الراشدين ظهر أول دور حجز كبير لكل من خالف الشريعة ، و في هذا العهد عادت العديد من الممارسات الجنسية التي تم قمعها *، فتم بناء العديد من السجون إلى جانب دور الحجز الذي ظهر ، فتم وضع ديوان لتنظيم هذه السجون ، من طرف عمر ابن عبد العزيز ، يتمحور أساسا من مكونات الشريعة الإسلامية و المعتقد doxa الخاص بالثقافة العربية (ما قبل ظهور الإسلام).
وبهذا فقد تغير حسب ميشال فوكو : التعذيب الذي كان قبل ظهور السجون ، بإنتزاع الحرية داخل السجن و مال التعويض الذي يقابل تماما : إنتزاع اللحم و العظام ، فهذا التطور الذي حاول إخفاء دور السلطة في الردع المادي و الملموس ، لم يختفي من ناحية المضمون بالقرون الوسطى ، فنجد مثلا ابن مرزوق و ابن الخطيب أصدقاء ابن خلدون ( 781 ه) قد قتلوا داخل السجن بالسم ، فموتهم “يمثل إحدى النهايات مأساوية بتاريخ المغرب الوسيط 23” ، زد على ذلك المفكر و المتصوف ابن العريف ، فقد تم سجنه أيضا ، و قتله بالسم داخل السجن ، علاوة على ذلك ابن أبي محمد صالح الذي سجن طيلة حياته مربوطا ، و “انسجاما مع الموضوع فإن الحكم بالمغرب الوسيط استخدم وسائل مختلفة في مواجهة الفكر ، و كان السجن إحدى تلك الوسائل 24”.
ففي الفترة المتأخرة من العصر المرابطي ، سجن أمير المتصوفين بمدينة فاس “و يمكن القول بأن الحكم المرابطي منذ عهد علي ابن يوسف لم يتوان عن ردع المتصوفة الذين لم ينسجموا مع إختياراته ، فكان السجن أحد الوسائل لتقييم هذه الفئة التي كانت تدعى المتنطعة ، بل إن السجن طال إحدى المتصوفات فنجد انه يئس مستجوبوها من الحصول على المعلومات ببعض المتصوفة ، ففقأوا عينيها 25” ، زد على ذلك المفكر أبو يعزى ، فقد “سجن الرجل بصومعة جامع الكتبية بمراكش ، و لعلها الإشارة الوحيدة التي تتحدث عن صومعة الجامع كفضاء للحبس بالدولة الموحدية 26”.
فهنا يحضر بقوة تصور فوكو حول التكدس الرمزي و الضهور المفاجئ للبعد اللامرئي كمؤشر فينومينولوحي / ظاهر ، فكما تبين لنا مع تعقب التاريخ العربي ، ظهر السجن في المسجد ثم اضمحل مع التاريخ ليظهر من جديد بصومعة الكتبية : مراكش ، فهذا دليل قوي على أن دلالة برج المسجد ، تطابق تماما الانطباع ذاته الذي هندس به كل برج تموضع داخل السجن ، فالبعد الرمزي الذي يكونه هو المراقبة الرمزية و العقاب اللاشعوري ، فإذا كانت السلطة إذن ماقبل العصر الكلاسيكي و بالقرون الوسطى تلتجئ الى اسلوب الإستعراض الذي عرضناه مع فوكو ، فانها ستنتقل من الاستعراض الجسدي الى الأذهان بالعصر الحديث، فقد كان السجين “قبل أن يودع بالسجن بالمغرب اواخر العصر الوسيط ، يجلد مائة جلدة او مئتين أو اكثر بمحضر العامل ، ثم يضع الجلاد سلسلة من الحديد في عنق المحكوم عليه و يطافبه في أحياء المدينة عاريا ، ثم يعاد إلى السجن 27”.
وقد كانت حالة السجناء ، كما يصفها أحدهم : “كل واحد في بيته ، و كان البيت من الضيق بحيث لم يكن بإمكان السجين أن يتزحزح فيه من مكانه 28” ، و في خالة إكتظاظ السجون “كانت مخازن الحبوب تستغل لإيواء السجناء 29” و “قد كانت السلطة في جل مراحل تاريخ العرب ، تختار سجينا ممن عرفوا بجرائمه ، فيصبح متخصصا في التعذيب داخل السجن 30 ” ، و لهذا فبالعصور المغربية الوسيطية ، “تعددت فضاءات الخارجين عن السلطة ، فقد كانت القصور السلطانية تتوفر على أجنحة تفي بهذا المقصد ، بما أنها تضمن الإحتراز و السرية ، كما وجدت بقصبات المدن فضاءات استعملت كسجون ، و أودع بعض السجناء في الكهف.
ويتميز بكونه تحت الأرض عميق القعر ، مقفل المسلك ، و قامت المطمورة أحيانا مقام البيوت ، بينما خصصت دور أو دويرات ببعض المدن كأزمور لتؤدي وظيفة السجن ، و زج بالبعض الآخر في صوامع المساجد31” ، و سيستمر هذا الوضع ما بين القرنين 16 و 17 ، و لكن بأواسط القرن الثامن عشر ، ستنهض إحتجاجات قوية حسب فوكو* ، من عند الفلاسفة و المنظرين الحقوقيين قم نساء و رجال القانون ، ضد التعذيب داخل السجون الذي انتقل من مسرح الإعدام ، إلى داخل أسوار السجون “فهذه الحاجة إلى المعاقبة بدون تعذيب ظهرت في بادئ الأمر كصرخة للطبيعة الخانقة : في أشقى المجرمين ، هناك شيء على الأقل يجب إحترامه عند العقاب هو إنسانيته.
وسيأتي يوم في القرن التاسع يصبح: هذا التغير الذي سيقع بتاريخ العقاب ، ستنسخه الدول العربية أيضا فيه هذا الإنسان المكتشف في المجرم ، هدف و مجال لسلسلة كاملة من الممارسات التأديبية 32”. وبأواخر القرن الثامن عشر ، ظهر حسب فوكو “إقتصاد جديد لسلطة المعاقبة ، و تأمين توزيع أفضل ، ثم العمل على ألا تكون هذه السلطة لا كثيرة التمركز ، و لا موزعة جدا بين مقامات متضاربة ، متعارضة ، و أن تكون موزعة ضمن حلقات متجانسة قادرة على العمل في كل مكان ، و بشكل مستمر حتى تصل إلى أصغر نقطة في الجسم الإجتماعي 33” ، و بذلك فقد تمخض عن القرن الثامن عشر بأكمله ، تضافرات جهود السلطة من اجل تطوير العقاب ، من عنف مادي خارج السجن أو داخله ، إلى عنف رمزي ، غير ملموس ، و بذلك فقد إعتمدت السلطة على أحدث التقنيات كالإعلام والملصقات على الشوارع و المقررات الدراسية لكي تنقل المحرك الرمزي للعقاب الذي انتقل من مسرح الإعدام الى السجن و الشرطة إلى المجتمع.
فما فعلته السلطة طيلة القرن الثامن عشر تحت لواء فكرة الإصلاح ، هو تقليص إختراعها الذي اخترعته بأوائل القرن الثامن عشر “الشرطة ” ، و إدخاله في اللغة و في الصور ، فصبحنا حسب فوكو أمام “شرطة الملفوظات 34 ” خاصة باللغة الثقافية : حشومة /عيب / حرام ..، و “شرطة فكرية 35” تخص الصور والأشكال: أشكال المنازل / شكل اعلى بناية المسجد / الأصوات الثقافية = القرآن مسموعا، الآذان الخ.
فما تفعله السلطة حسب فوكو بهذين النسقين ، هو تكرار الأولى “شرطة الملفوظات ” عبر كل قنواتها : المدرسة / الإعلام / السجون / المشتشفيات / المساجد في استمرار ، و هذا ما يؤدي الى تأصيل هذه الشرطة اللفظية عبر التكرار داخل أذهان الأفراد، و تعمل “شرطة الفكر ” من زاوية اخرى = شكل المسجد / صوت الأذان / صوت القرآن / الأغذية الثقافية = الكسكس – الشاي ، على تغذية شرطة الملفوظات و هذا ما يؤدي الى اعادة طاقتها التي تجعلها مستمرة في عملها ، الذي يتمثل في ضبط و مراقبة الجسد الإنساني و الإجتماعي ، فقد أصبحت الأجساد تراقب بعضها البعض ، و تعاقب من يخالف الأفكار التي تكررها السلطة عبر الجسد الإجتماعي أكمله ، “فالمخالفة تقيم الفرد في مواجهة الإجتماعي بأكمله ، و المجتمع في مواجهة الفرد ، فإنه يمتلك هذا الحق كمجتمع بكلية ، و المخالف يصبح العدو المشترك ، فهو أسوأ من عدو ، لأنه يضرب حسبهم ضرباته من داخل المجتمع ، إنه خائن ، إنه وحش 36”.
و بهذا فإن الجسد حسب ميشال فوكو إنتقل من ملاحقة السلطة له بالقرون الوسطى ، إلى مجتمع بأكمله يلاحق كل مخالف لقوانين الجماعة ، فقد أصبح الجسد داخل سجن أكثر اتساعا ،كل فرد منه تحول إلى شرطي ، لأن كل فرد متطبع بشرطة ملفوظات تتكرر و تتغذى كل ثانية من طرف شرطة الفكر ، فحينما يرى الفرد ألوان الشرطة “أحمر / أخضر ” فإن هذه الألوان تغذي شرطة الملفوظات ، و كذلك روائح الأغذية و طقوس الأعياد ، فقد أصبحت شرطة الملفوظات بقوة تكرارها من كل الجهات أعضاء جديدة من أعضاء الجسد البشري ، و بهذا فإن تمثيل عقاب واحد حسب فوكو حول تجاوز شرطة الملفوظات التي تخلق تكنلوجيا للجسد تجعله مدجنا او آليا ، عبر قنواتها : الاعلام مثلا ، سيحد تلقائيا من تجاوزها لأنها تصبح لا شعوريا ، فهنا نرى كيف انتقل العقاب من مسرح الإعدام إلى السجن الى
الشرطة ثم الى أذهان الأفراد ، التي أصبحت تراقب و تعاقب ذواتها و ذوات الآخرين عبر تمثلها ، و لهذا فببداية القرن التاسع عشر ، تم “تأليف جدول للجرائم ، وضع إلى جانبه جدول من العقوبات ، يتجاوبان مع بعضهما 37” و بأواسط القرن التاسع عشر ، تم صهر هذه الجداول باللغة ، فأصبحت الأجساد مقيدة بأحبال الخطاب المنظم : المكون من شرطة الملفوظات و محاطة بشرطة الفكر “أغذية شرطة الملفوظات”.
ففي هذا الصدد يقول ميشال فوكو “نكون قد دخلنا حقا في عصر العقوبات اللاجسدية 38 ” فالسلطلة تحولت من نظام سياسي يميت في لحظة ضيقة من الزمن ، إلى لحظات متسعة و متجزئة و مزمنة ، فقد أصبح الفرد في المجتمعات الحديثة مهووسا بفيروس السلطة 39″ ، بسبب هيمنتها عليه ، فقد أصبح الإنسان الحديث حسب فوكو عالقا بشبكة الخطاب المنظم ، و خاضعا لهذا الخطاب ، فهو يضن أنه أمام نسقه الثقافي الحق ، و لكنه كما يعرفه ميشال فوكو ، هو “كائن منتزع التاريخ 40″ ، فهو منصهر داخل الخطاب المنظم ، ففي هذا الصدد يسلم فوكو بأن ” الخطاب في كل مجتمع ، هو إنتاج مراقب و منتقى ، و منظم 41″ و بهذا فإن الخطاب يبدوا ” في ظاهره شيء بسيط ، لكن أشكال المنع التي تلحقه تكشف باكرا و بسرعة عن ارتباطه بالرغبة و السلطة 42″.
بهذا نفهم أن الفرد يكون هو تلك الذرة التي يتم حشوها بمحركات لفظية منظمة “شرطة الملفوظات ” ثم يتم التحكم في كل مساراتها عبر ما يحيط بها من شرطة الفكر التي تعكس ما تريده السلطة أن يكون ( الأفلام المغربية التي تعرض في استمرار جل الشرطة الفظية : حشومة / عيب / لا تخرجي / لا تفتحي رجليك ) ، وعبر هذه العلاقة التي تجسد التجاذب الإبستيميه – ميغناطيسي * ، يتم خلق الانسان الحديث الآلة بتعبير فوكو أو المدجن بتعبير لوبون ، المكون للإستجابة لا للإبداع ، فهو يتلقى منذ طفولته نسقا من الألفاظ و الأشكال و الأذواق و الروائح ، التي تتداخل مع بعضها عبر التكرار ، لكي تشكل (صورا – ذهنية – إجتماعية ) تخص السلطة و الهوية الإجتماعية ، و مهيأة بإحكام لتضبط الجسد و لتجنس الدماغ و لكي توجه الجسد نحو المسار المراد منه عبوره ، فما هي هذه الصورة – السوسيو – ذهنية ، إذن ؟ و كيف تتحكم في الأجساد ؟؟: علاقة تجاذب بين فكرة موجودة داخل الذهن مع نسختها أو مع صوت كان يرافقها “الآذان / صوت القرآن / شكل الأساتذة العرب / تحركاتهم البسيطة و المعقدة / أشكال المنازل ..الخ”.. (يتبع)
ـــــــــــــــــــــــ
1 : يزيد عيسى السورطي – السلطوية في التربية العربية – عالم المعرفة ، العدد : 362 – ص: 15
2 : المرجع ذاته – ص : 16
3 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ترجمة : علي مقلد – مركز الإنماء القومي – ص:158
4: يزيد عيسى السورطي – السلطوية في التربية العربية – ص : 17.
*: بيار بورديو – الهيمنة الذكورية – ترجمة : سلمان قعفراني – مركز دراسات الوحدة العربية – ص : 65
5 : يزيد عيسى السورطي – السلطوية في التربية العربية – ص : 24
6 : Émile Durkheim – Les régles de la méthod sociologique – Champs classique – page : 235
** : “يمكن تحديد الكثافة الديناميكية لمجتمعين متحدين في الحجم بعدد الأفراد الذين لا تربطهم علاقات تجارية فحسب ، بل تربطهم أيضا صلات روحية وثيقة – الصفحة ذاتها من قواعد المنهج
*** : الصور – ذهنية – اجتماعية : نوع من الأفكار يخص جماعة معينة ، و يتحكم في الجسد الانساني و الجسد الإجتماعي
6 : بيار بورديو – الهيمنة الذكورية – ترجمة : سلمان قعفراني – مركز دراسات الوحدة العربية – ص : 186
7 : يزيد عيسى السورطي – السلطوية في التربية العربية – ص : 19
8 : المرجع ذاته – ص : 17
9 : المرجع ذاته – ص : 26
10 : المرجع ذاته – ص : 71
11 : المرجع ذاته – ص : 72
*: Michel foucault – surveiller et punir – Gallimard – page : 157
12 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 166
13 : بيار بورديو – جان كلود باسرون – إعادة الإنتاج – في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم – ترجمة : ماهر تريمش – مركز دراسات الوحدة العربية – ص : 188
14 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 166
15 : ميشال فوكو – نظام الخطاب – ترجمة : محمد سبيلا – التنوير – ص : 27
16 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 235
17 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 52
18 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 53
19 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 54
20 : عبد السلام ابن محمد الشويعر – السجن و معاملة السجناء – ص : 12
21 : المرجع ذاته – الصفحة ذاتها
22 : عبد الوهاب مصطفى ظاهر – عمارة السجون في الإسلام – مقدمة الفصل الثالث
*عبد السلام الترمانيني – الزواج عند العرب في الجاهلية و الإسلام – ص : 95
23 : السجن و السجناء – نماذج من تاريخ المغرب الوسيط – ص : 61
24 : المرجع ذاته – ص : 66
25 : المرجع ذاته – ص : 69
26 : المرجع ذاته – ص : 70
27 : المرجع ذاته – ص : 74
28 : المرجع ذاته – ص : 78
29 : المرجع ذاته – ص : 79
30 : المرجه ذاته – ص : 80
31 : المرجع ذاته – ص : 91
32 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب ، ولادة السجن – ص: 104
33 : المرجع ذاته – ص : 109
34 : ميشال فوكو – تاريخ الجنسانية ، الجزء الأول – إرادة المعرفة –افريقيا الشرق – ص : 15
35 : ميشال فوكو – نظام الخطاب – ترجمة : محمد سبيلا – ص : 27
36 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 116
37 : ميشال فوكو – المراقبة و العقاب – ص : 123
38 : المرجع ذاته- ص : 121
39 : ميشال فوكو – الفرد و المجتمع – حسين موسى – التنوير – ص : 128
40 : ميشال فوكو – الكلمات و الأشياء – ترجمة جماعية – مركز الإنماء القومي – بيروت – ص : 601
41 : ميشال فوكو – نظام الخطاب – ترجمة : محمد سبيلا – التنوير – ص : 8
42 : المرجع ذاته – ص : 9
المصدر : https://dinpresse.net/?p=7927