محمد أومليل
كاتب وباحث مغربي
الشيعة أصناف (إمامية، زيدية، إسماعيلية، علويون، دروز..) نقصد تحديدا “الشيعة الإمامية” كونها تتصدرهم كما وتمكينا، كتب الكثير حول موقفهم من القرآن من قبل غلاة ومعتدلين قديما وحديثا.
” نترك جانبا غلاة الشيعة، ليس فقط لأنهم تجاوزوا حدود التحريف في القرآن فادعوا النبوة وتلقي الوحي، بل لأن أئمة الشيعة الكبار قد تبرؤوا منهم، قديما وحديثا. سنقتصر إذن على ما ورد في المصادر الشيعية الرسمية.
كان من جملة من نسب إلى الشيعة؛ أنهم صرحوا به ادعاء بعضهم بوجود مصحف خاص بهم يسمى (مصحف فاطمة) بنت الرسول، عليه الصلاة والسلام. غير أن بعض المراجع الشيعية تنفي أن يكون هذا المصحف مصحف قرآن، ويقولون إنه تفسير لبعض الأحكام (أملأه سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الإمام علي).
وفي المقابل تؤكد بعض المراجع الشيعية المعتبرة، كالسيد الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 هجرية وهو من علماء النجف في كتاب له سماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) أن القرآن، كما هو في المصحف الذي بين أيدينا، قد زيد فيه ونقص منه. وعندما أنكر عليه بعض علمائهم ذلك رد بكتاب آخر بعنوان (رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وقد أورد هذا العالم الشيعي، الذي بقي يحظى بالاعتبار عندهم، نصوصا أثبتها في كتابه ذاك على أنها جملة ما حذف من القرآن. من هذه النصوص سورة تحمل اسم (سورة الولاية) تقرر أن علي ابن أبي طالب هو الولي بعد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وأنه الخليفة من بعده. ومما ورد في هذه (السورة) النص التالي: (يا أيها الذين آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم، نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير. إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم، والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون إن لهم في جهنم مقاما عظيما، إذ نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين ما خلفتهم إلا عني، ما كان الله ليظهرهم إلى أجل قريب وسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين).
وإلى جانب هذا النوع من (التحريف) الذي يقول به بعض علماء الشيعة والذي يرقى إلى حذف سور بكاملها نزلت على علي بن أبي طالب لتؤكد أنه الولي الوصي، وبالتالي الخليفة بعد النبي، هناك أنواع أخرى من (الحذف) يسجلها هؤلاء وتطال اسم علي. وقد ورد ذكرها في أصول الكافي للكليني، ومنزلته عند الشيعة منزلة البخاري عند أهل السنة، من ذلك ما روي عن الإمام الباقر من أن اسم علي بن أبي طالب حذف من الآية 23 من سورة البقرة: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فأتوا بسورة من مثله). كما حذف شطر من الآية 71 من سورة الأحزاب هكذا: (من يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما).
غير أن مراجع شيعية أخرى تنفي أن يكون من ذكر اسم (علي) في مثل هذه الروايات أنه جزء من نص القرآن، وترى أن المقصود بذلك هو أن المعنى ينصرف إلى علي، وبالتالي فما ذكر على أنه محذوف هو قرآن على مستوى التأويل وليس على مستوى التنزيل. وقد قال الخوئي: إن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه، فلابد من حمل هذه الروايات على أن ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل “(1).
خلاصة القول، الزيادة والنقصان حول القرآن يشمل أهل السنة والشيعة معا كون شياطين الجن والإنس لا تخلو منهم طائفة مع الاختلاف في درجة التأثير، فالشيعة الإمامية بالغوا في ما له علاقة بالإمام علي على وجه الخصوص، وبالأئمة بدرجة أقل؛ كل ذلك، وغيره، ساهم في تأسيس “دين الشركاء”.
بالمناسبة “دين الشركاء” لا يقتصر على المسلمين فحسب، بل يشمل كل الديانات المخالفة ل “دين الفطرة” الذي وصفه الله ب “الدين القيم”.
قال تعالى:
” فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” (الروم 30).
بنود “دين الفطرة” محفوظة في التوراة والإنجيل والقرآن يطلق عليها: (الوصايا العشر)، أهل الاختصاص في (الدين المقارن) على علم بها، بالنسبة للقرآن مسطورة في (سورة الأنعام عند قوله تعالى: “قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم” إلى قوله تعالى: “ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون “).
بنود “الوصايا العشر” تركز على “التوحيد ومكارم الأخلاق” فقط. دون ذكر “الشعائر التعبدية” التي تم تضخيمها على حساب “التوحيد ومكارم الأخلاق”، أي: المعاملة، التي ورد في حقها: “الدين المعاملة”!
كل تدين يتعارض مع “دين الفطرة”، و”الوصايا العشر”؛ فهو يندرج ضمن “دين الشركاء”.
المراجع:
-1، محمد عابد الجابري، مدخل إلى القرآن الكريم، الجزء الأول، ص 205 وما بعدها.