دراسة حديثة أجراها مركز “بيو” حول القومية الدينية

هل تتراجع القومية الدينية عالميا أم تعيد تشكيل نفسها؟

دينبريس
دراسات وبحوث
دينبريسمنذ 4 ساعاتآخر تحديث : الخميس 6 فبراير 2025 - 2:50 مساءً
دراسة حديثة أجراها مركز “بيو” حول القومية الدينية

قدم مركز “بيو للأبحاث” دراسة شاملة حول القومية الدينية، شملت 55 ألف شخص من 36 دولة، بهدف قياس مدى ارتباط الدين بالهوية الوطنية والسياسات العامة.

وتطرقت الدراسة إلى أربعة محاور رئيسية: مدى أهمية الانتماء إلى الدين السائد للهوية الوطنية، رغبة المواطنين في أن يشارك قادتهم معتقداتهم الدينية، تأثير النصوص الدينية على القوانين، وأولوية هذه النصوص عند تعارضها مع إرادة الشعب.

وأظهرت النتائج تفاوتا واسعا بين الدول، حيث جاءت ألمانيا والسويد في أدنى القائمة بنسبة تقل عن 1% من البالغين الذين يمكن تصنيفهم كقوميين دينيين، بينما ارتفعت النسب في دول مثل إندونيسيا (46%) وبنغلاديش (45%)، أما الولايات المتحدة، فرغم الاعتقاد السائد بأنها ذات نزعة قومية دينية قوية، إلا أن 6% فقط من مواطنيها تنطبق عليهم المعايير الأربعة، وهي نسبة مماثلة لدول في أمريكا اللاتينية مثل تشيلي والمكسيك والأرجنتين.
لكن الولايات المتحدة تبرز بين الدول ذات الدخل المرتفع عندما يتعلق الأمر بتأثير الكتاب المقدس على القوانين، حيث يميل الأمريكيون أكثر من نظرائهم في الدول الغنية الأخرى إلى القول بأن الكتاب المقدس يجب أن يكون له تأثير كبير على التشريعات.

وكانت الفجوة بين الدول الغنية والمتوسطة الدخل من أبرز نتائج الدراسة، إذ كشفت عن أن سكان الدول المتوسطة الدخل أكثر تمسكا بالدين في المجال العام، وأكثر ميلا للاعتقاد بأن الدين يفيد المجتمع ويشجع على التسامح، مقارنة بالدول الغنية التي يفضل معظم سكانها إعلاء إرادة الشعب على تعاليم الدين في صياغة القوانين.

ففي بنغلاديش، حيث 90% من السكان مسلمون، يرى 94% أن الدين له دور إيجابي في المجتمع، بينما في السويد، التي لا يتجاوز فيها الانتماء الديني 47%، تراجعت هذه النسبة إلى 42%، كما أظهرت الدراسة أن غالبية مواطني الدول المتوسطة الدخل يريدون أن يكون للنصوص الدينية تأثير كبير على القوانين، على عكس الدول الغنية حيث يرى أغلب السكان أن سلطة التشريع يجب أن تبقى في يد الشعب.

ولعبت العوامل الديموغرافية دورا حاسما في تحديد مستويات القومية الدينية، حيث كان المتدينون الذين يصلّون يوميا، وكبار السن، والأقل تعليما، وأصحاب الدخل المنخفض، أكثر ميلا إلى تبني مواقف قومية دينية مقارنة بالفئات الأخرى، كما سجلت الدراسة ارتباطا بين الاتجاهات السياسية اليمينية والنزعة القومية الدينية، كما في بولندا حيث أظهرت النتائج أن 8% من المنتمين لليمين السياسي يتبنون هذا التوجه، مقابل أقل من 1% في اليسار والوسط.

وجاءت في إسرائيل، النتائج لتعكس الانقسام بين التيارات الدينية، حيث أظهر 33% من اليهود الحريديم والداتيين ميولا قومية دينية، مقابل 5% فقط بين اليهود التقليديين، و1% بين اليهود العلمانيين.

وفي الدول ذات الأغلبية المسلمة، سُئل المشاركون عما إذا كان يمكن لدولهم أن تكون ديمقراطية ودينية في الوقت نفسه، فجاءت الإجابات إيجابية لدى الغالبية، كما في بنغلاديش (86%)، تونس (82%)، وماليزيا (80%)، أما في إسرائيل، التي تعرّف نفسها بأنها “يهودية وديمقراطية”، فقد وافق 73% من المستطلعين على هذا الطرح، بينما رفضه نحو ربع السكان، ما يعكس استمرار الجدل حول علاقة الدين بالدولة.

وتكشف هذه الدراسة عن مشهد عالمي متباين فيما يخص القومية الدينية، حيث لا تزال الدول المتوسطة الدخل أكثر تمسكا بدور الدين في الحياة العامة، بينما تتجه الدول الغنية نحو فصل أكبر بين الدين والسياسة، لكنها في الوقت ذاته تشير إلى استمرار تأثير الدين على السياسة حتى في بعض الدول ذات الدخل المرتفع، خصوصا في الولايات المتحدة، حيث تبقى المسيحية حاضرة بقوة في الهوية الوطنية وصياغة المواقف السياسية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.