سعيد الزياني ـ دين بريس
أصدر معهد “IIFL” البريطاني للأبحاث تقريرا حديثا بعنوان “الإيمان والسعادة: كيف تُشكّل المعتقدات الدينية الرفاه العاطفي في بريطانيا”، استنادا إلى دراسة وطنية تم إنجازها في أبريل 2025 شملت عيّنة تمثيلية من 2068 بالغا بالمملكة المتحدة، من بينهم مسيحيون، مسلمون، وأشخاص بدون انتماء ديني.
وكشف التقرير أن الهوية الدينية، بما تحمله من انتماء روحي وسرديات إيمانية، ترتبط بشكل وثيق بمستويات أعلى من الرضى عن الحياة، والقدرة على مواجهة الضغوط، والتوازن العاطفي، مقارنة بغير المتدينين.
وبيّنت النتائج أن المسلمين كانوا الأكثر تعبيرا عن شعورهم بالانسجام (77%) والقبول (80%)، في حين أن 66% منهم أكدوا أنهم قادرون على مواجهة صعوبات الحياة، مقابل 36% فقط من غير المتدينين.
وأظهر التقرير أن الأشخاص المتدينين، سواء من المسلمين أو المسيحيين، أقل عرضة للشعور بالقلق العام، حيث عبّر 38% من المسلمين و33% من المسيحيين عن انخفاض مستويات القلق لديهم، مقارنة بـ26% فقط من غير المتدينين.
وعبّر 85% من المسلمين و76% من المسيحيين عن ثقتهم في وجود شخص يثقون به تماما (سواء كان الله أو شخصا آخر)، مقابل 54% فقط من غير المتدينين.
فيما يخص الاكتئاب، أفاد 78% من المسلمين والمسيحيين بأنهم قادرون على إيجاد نقاط إيجابية في حياتهم، حتى في الأوقات العصيبة، مقابل 69% من غير المتدينين، كما عبّر 68% من المسلمين و58% من المسيحيين عن تفاؤلهم بالمستقبل، مقابل 47% فقط من غير المتدينين.
وسجل الأشخاص غير المتدينين نسبا أعلى في مؤشرات الحزن اليومي (38% مقابل 34% من المسلمين و30% من المسيحيين) وفقدان الطاقة والدافع (64% مقابل 55% من المسلمين و58% من المسيحيين).
من حيث الشعور بالوحدة، أظهر المسلمون (38%) والمسيحيون (35%) نسبا أعلى في الإحساس بالتواصل مع من حولهم مقارنة بغير المتدينين (23%)، كما أكد 45% من المسيحيين و43% من المسلمين وجود تواصل منتظم مع أشخاص يهتمون بهم، مقابل 38% فقط من غير المتدينين.
وسجلت النساء نسبا أعلى في مؤشرات القلق والحزن مقارنة بالرجال، إذ قالت 54% من النساء إنهن غالبا ما يشعرن بالإرهاق العاطفي، مقابل 36% فقط من الرجال.
أما الفئة العمرية الأكثر عرضة للقلق والشعور بالوحدة فكانت الشباب ما بين 18 و24 عاما، حيث أقرّ 62% منهم بأنهم يشعرون بالقلق الشديد، مقابل 22% فقط من الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 عاما.
وسلط التقرير الضوء على تأثير الممارسات الإيمانية مثل الصلاة والدعاء في إعادة التوازن النفسي، إذ اعتبرها المشاركون وسيلة فعّالة لرؤية الأمور بوضوح، وتقوية القدرة على الاستجابة الهادئة للمحن.
وأشار التقرير إلى أن هذا البعد الروحي لا يكتفي بتخفيف المشاعر السلبية، بل يعزّز أيضا القيم الإيجابية مثل الامتنان والتفاؤل والقدرة على الصبر.
واستنتج الباحثون أن الدين، في السياق البريطاني، لا يقدّم فقط إطارا أخلاقيا، بل يشكل رافعة نفسية قوية تحفّز الشعور بالأمان والاستقرار والقدرة على مواجهة التحديات.
ودعا التقرير إلى أخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار في السياسات العمومية المعنية بالصحة النفسية، خصوصا في ظل تفاقم أزمة الصحة النفسية في بريطانيا، التي يعاني منها شخص من كل أربعة سنويا.