من سوريا والعراق، إلى تونس والجزائر وليبيا، عاد تنظيم “داعش” الإرهابي بقوة إلى الواجهة خلال عام 2022، عبر محاولة تنفيذ عمليات في تلك الدول، وذلك بعد خفوت شديد يرقى إلى الغياب استمر بضع سنوات.
محاولة التنظيم الإرهابي العودة بقوة أثارت العديد من التساؤلات والتكهنات حول التوقيت المتزامن لهذا الحراك، والدول المتجاورة التي استهدفها.
وإن اتفق كثير من المراقبين على أن تدابير الزمان والمكان مقصودة من التنظيم أو من قوى تقف خلفه لمحاولة بعثه من جديد، فقد اختلف آخرون حول إمكانية العودة واستعادة ما جرى في عام 2014، عندما سيطر “داعش” على مساحات واسعة في دول مثل سوريا والعراق، ونفذ بعد ذلك وعلى مدار سنوات عمليات كبرى في عدد من دول المنطقة.
وحمل يوم الخميس 20 يناير 2022، جرس إنذار قوي بخصوص محاولة العودة القوية لـ”داعش” عندما هاجم عناصر التنظيم سجن “الصناعة” بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، في عملية فجروا خلالها سيارة مفخخة وتمكنوا من دخول السجن ما أدى إلى فرار العشرات من عناصر التنظيم المحتجزين فيه.
وغداة عملية سجن الحسكة، شنت مجموعة من “داعش” هجوماً مسلحاً الجمعة، على مقر للجيش العراقي في ديالى (شرق)، ما أسفر عن مقتل ضابط في الجيش برتبة ملازم و10 جنود.
وإثر ذلك، شدد العراق مراقبته لحدوده مع سوريا، وكثف عملياته التي لم تتوقف خلال السنوات الأخيرة ومنذ دحر التنظيم في البلاد عام 2017، والتي يتتبع خلالها فلول “داعش” الذي واجه هذا التكثيف بمحاولات من قبله لتنفيذ عمليات ضد القوات العراقية من جهة، ومستشاري التحالف الدولي من جهة أخرى خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي.
ولم تكد تمر بضعة أيام على عملياته القوية في المشرق العربي، إلا وبدأ التنظيم محاولة شن استهدافات مماثلة في معظم دول المغرب العربي وتحديدا في تونس وليبيا والجزائر.
ففي ليبيا، هاجم عدد مجهول من “داعش” في 26 يناير الماضي، دورية أمنية، وقتلوا 3 من أفرادها، قرب جبل عصيدة غرب بلدة القطرون أقصى الجنوب الغربي، غير بعيد عن الحدود مع الجزائر.
وبعد 24 ساعة من الاشتباكات في ليبيا، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، مقتل جنديين والقضاء على إرهابيين اثنين، في اشتباك مع “مجموعة إرهابية” (لم تحدِد هويتها) بولاية عين قزام، الحدودية مع النيجر.
أما تونس التي تقع بعيدا عن منطقة الساحل في الجنوب، فأعلنت وزارة داخليتها، في 28 يناير، إحباطها عملية إرهابية كانت ستستهدف مناطق سياحية.
من المغرب، اعتبر عبد الحكيم أبو اللوز، الخبير المتخصص في الحركات الجهادية وأستاذ القانون العام بجامعة ابن زهر (حكومية)، أن فرضية قيام دول وقوى عظمى أو إقليمية بالوقوف وراء إحياء التنظيم لنشاطه من جديد “تبقى واردة”.
وأضاف أبو اللوز للأناضول، أن “هذه الفرضية بالرغم من كونها منطقية، إلا أنه لا يمكن إثباتها أو نفيها حاليا، خاصة أن مثل هذه الأدوار تكون منوطة بالأجهزة الاستخبارية للدول، ولا يمكن الوقوف على حقيقتها نفيا أو إثباتا في الوضع الحالي.
وتابع: “هناك العديد من الأطراف الدولية التي يظهر أن من مصلحتها استئناف التنظيم لنشاطه، وهو ما يعزز الذهاب نحو القول بوقوفها وراء النشاط الأخير لداعش، لكن عدم وجود مؤشرات توكد ذلك يدفع إلى عدم الذهاب بعيدا في هذه الفرضيات”.
واعتبر المتحدث أن الذي يقف وراء تحركات التنظيم الأخيرة في عدة دول هم قيادات محلية للتنظيم، تحاول بعث التنظيم من جديد على أساس راديكالي مغاير.
وأوضح: “بعد الضربات التي لحقت التنظيم في العراق وسوريا أصبح هناك قيادات تنشط من داخل عدة دول بعينها، وهذا ضد أيديولوجية التنظيم التي تقوم على عدم حصر الجهاد في رقعة حدودية معينة”.
وتابع: “أعتقد أن هناك قيادات هاربة إلى بلدانها الأصلية إضافة إلى أخرى نشأت من داخل محنة التنظيم هي التي حركت هذه الهجمات”.
وأردف: “التنظيم الآن قيد التشكل حول قيادات مجهرية تنشط في بلدان معينة وتعيد إنتاج الأيدولوجية الجهادية على مستويات محلية في تغيير راديكالي في هذه الأيديولوجية”.
وأرجع أبو اللوز سبب تزامن هذه الهجمات في أكثر من دولة إلى وجود ديمقراطيات هجينة وليدة وهذه الهجمات تأتي لوأدها.
المصدر : وكالة الأناضول بتصرف
المصدر : https://dinpresse.net/?p=17464