سعيد الكحل
نشرت صحيفة “النهار العربي” بتاريخ 11 أبريل 2021، مقالة تحت عنوان “وثائق التنظيم الدولي لتمكين “الإخوان” في المغرب وإطاحة الملك” للكاتب عمرو فاروق ، تكشف فيها عن خطورة إستراتيجية “جماعة الإخوان” وتفاصيل خططها لقلب النظام الملكي بالمغرب وإقامة “نظام إسلامي” خاضع كلية للمرشد العام لتنظيم الإخوان بمصر.
وتضمنت المقالة رسالة خطية من مرشد جماعة الإخوان مصطفى مشهور موجهة مباشرة إلى جماعة عبد السلام ياسين وحركة التوحيد والإصلاح ، سنة 1996 ، تحدد لهما الإستراتيجية التي ينبغي إتباعها لعزل النظام وتطويقه بهدف الإطاحة به. وهي نفس الإستراتيجية التي اتبعها تنظيم الإخوان في مصر ، منذ نشأته على يد البنا وقطب وكادت تتمكّن من الدولة والمجتمع المصريين لولا يقظة الشعب الذي خرج منتفضا وثائرا ضد حكم مرسي والإخوان مطالبا بتدخل الجيش برئاسة السيسي الذي حرّر المصريين من قبضة الإسلاميين وأقبر أحلامهم في حكم مصر ثم التمدد إلى بقية الدول العربية.
وتحدد رسالة مرشد تنظيم الإخوان إلى إسلاميي المغرب أهداف الإستراتيجية ومراحل إنجازها كالتالي: (هذه رسالة لإخواننا في المغرب ، وهي الرسالة الثالثة التي يأفل بها هذا العقد وهي خطة عمل ننهي بها القرن العشرين ونبدأ بها قرنا جديدا يكون فيه التمكين بإذن الله تعالى ، وبهذه الخطة سيتحول فيها إخواننا في المغرب من مرحلة الاستضعاف والصبر السلبي إلى مرحلة القوة والصبر الإيجابي ليفتح الله لهم حكم بلادهم فيكونوا درعا للإخوان وحكومة من حكومات دولة الخلافة المنشودة لترفع راية الإسلام خفاقة من المشرق إلى المغرب وتكون كلمة الله هي العليا ).
ليس الهدف من تأسيس تنظيمات الإسلام السياسي هو تخليق الحياة العامة وإشاعة قيم الفضيلة والصدق والإخاء والتسامح بين الناس وتقوية الوازع الديني والأخلاقي لدى المواطنين ، بل فرملة جهود تحديث الدولة والمجتمع وحجر الانتقال نحو الدولة الديمقراطية بنشر ثقافة الكراهية وفقه التكفير وتقسيم المجتمع إلى مؤمنين وكفار وزرع بذور الفتنة والطائفية بين مكونات المجتمع.
وقد لعب تنظيم الإخوان في مصر دورا خطيرا لدعم إسلاميي المغرب في مواجهتهم لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية سنة 2000 ، عبر تجنيد الشيوخ ، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي ، وكذا قناة الجزيرة لإقبار المشروع ومصادرة أحلام الشعب المغربي في التحديث والدمقرطة والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضد النساء. كما لعبت القناة دورا حاسما في التأثير على نتائج الانتخابات لفائدة حزب العدالة والتنمية. فأي خطوة يخطوها النظام والتيار الديمقراطي نحو التحديث يكون لها الإسلاميون بالمرصاد. إذ كل خطوات الإسلاميين ومواقفهم تم رسمها بأمر وإشراف من المرشد العام لتنظيم الإخوان بمصر قبل أن يتمكن الرئيس السيسي من تشتيت شمل التنظيم واعتقال أبرز قياداته.
ولا يزال أمام إسلاميي المغرب مجالا واسعا للمناورة يسمح لهم بتنفيذ التوجيهات التي وضعها مرشد التنظيم بالمركز الدولي للإخوان، ويأتي في مقدمتها:
ـ العمل على استهداف القاعدة الاجتماعية/ الشعبية/ الدينية للنظام باستخدام سلاح الدين عبر اتهام النظام ، ليس فقط بالخروج عن الإسلام ، ولكن أيضا بمحاربته. وهذا الذي تمارسه جماعة العدل والإحسان بعد أن فشلت في تحويل حركة 20 فبراير إلى نواة “للقومة” ضد النظام وقوة شعبية للزحف على الدولة. فمباشرة بعد قرار الحكومة فرض حظر التجوال ليلا في رمضان، خرجت الجماعة، عبر تدوينات قيادييها على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، باتهام النظام بمحاربة الدين.
ومن بين تلك القيادات: محمد حمداوي عضو مجلس إرشاد الجماعة الذي يتنطع، في فيديو منشور على موقع الجماعة بتوجيه اتهامات خطيرة ومباشرة إلى النظام كالتالي (هذا يعني استهداف ممنهج لدين المغاربة واستهداف ممنهج للإسلام بشكل واضح لا لبس فيه لا يمكن أن يتعذر متعذر بكذا أو كذا نهائيا لأن الأمر هنا يتعلق باستهداف الدين .. وينبغي أن يعلم الناس جميعا أن الأمر يتعلق باستهداف للدين مباشرة وأن الأمر خرج عن دائرة الشك والظن والتقدير إلى دائرة الاستهداف ومحاولة النيل بشكل غير مسبوق ، لم يسبق في التاريخ أبدا أن وقع مثل هذا الأمر ، وينبغي أن يتنبه الناس وأن يتيقظ المسلمون بصفة عامة إلى هذا الخطر ، إلى مثل هذه القرارات التي تستهدف الدين مباشرة ).
لم تعد الجماعة تخفي عداءها وتكفيرها للنظام بشكل صريح. فهي تحاول استغلال أجواء رمضان وقدسيته لدى المغاربة لتشحن وجدانهم ونفوسهم ضده النظام) وتشرعن حكم التكفير الذي أصدره المرشد العام للإخوان في الرسالة التي وجهها لإسلاميي المغرب والتي جاء فيها التكفير صريحا كالتالي (ملوككم وحكوماتكم كافرة، والجهاد فرض عين عليكم بعد ما تبين لكم بالأدلة الشرعية، وتركه يعد كبيرة من الكبائر، و”إعلاء القوة” هو فريضة الوقت التي ستحمي الجماعة من منعطفات الأجهزة الأمنية وتضييقاتها).
إن جماعة العدل والإحسان لم تكتف بتكفير النظام واتهامه بمحاربة الإسلام، وهي التهمة التي لن يصدقها الشعب المغربي بكل فئاته، بل لجأت كعادتها إلى استغلال المخزون الديني لدى المواطنين بدفعهم إلى الخروج ليلا في احتجاجات بعدد من المدن ( الفنيدق ، آسفي ..) ضد قرار إغلاق المساجد أمام المصلين لأداء صلاة العشاء والتراويح.
فالجماعة تنفذ توجيهات المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان، سواء فيما يتعلق بتكفير النظام أو باستغلال الاحتجاجات وتأجيجها، أو بالتغلغل في الدولة والمجتمع عبر تأسيس الجمعيات والنوادي الرياضية والثقافية، أو الانخراط في الهيآت النقابية والجمعوية القائمة قصد التحكم فيها واستغلالها للضغط على الدولة والسلطات العمومية.
طبعا الدولة يقظة بهذه الإستراتيجية وتعمل على إفشالها فيما عدد من الهيآت الحقوقية تناصر الجماعة في تهديدها للنظام وللدولة وللمجتمع ، إما جهلا مخططات الجماعة أو تواطأ معها.
فمن توجيهات المرشد العام للتنظيم لإسلاميي المغرب: ( عليكم التوسع في إنشاء المدارس الخاصة وجمعيات تحفيظ القرآن ومد نفوذكم إلى المدارس الدينية “العتيقة” وتوجيه الإخوة للعمل بالتدريس).
إن التعليم والمساجد ودور القرآن والمدارس الخصوصية تشكل قطاعات مُغرية للتنظيمات الإسلامية لما تسمح به من فرص الاستقطاب والتأثير في وجدان وتفكير وذهنية المواطنين والأطفال. فحين يتم عزل خطباء أو مرشدات دينيات أو إعفاء مسؤولين أعضاء في الجماعة أو تشميع بيوت حوّلها أعضاء الجماعة إلى مقرات للاستقطاب والتأطير، فإن الأمر يستوجبه القيام بالواجب الدستوري لحماية المجتمع والدولة من خطر تفتيتهما. يتبع..
المصدر : https://dinpresse.net/?p=14219