تتناول خطبة الجمعة اليوم موضوع “المعاشرة بالمعروف – الجزء الثاني”، استمرارا لمعالجة إرشادية سلوكية لقيم التراحم والتكافل الأسري، كما نص عليها البيان القرآني والهدي النبوي.
وتسلط الخطبة الضوء على مركزية “المعاشرة بالمعروف” كأساس لبناء أسرة متماسكة تسودها السكينة والمودة والرحمة، باعتبارها الخلية الأولى في استقرار المجتمع المغربي وانسجامه.
وتُشدد على مسؤولية الرجل والمرأة داخل الأسرة في تجسيد أخلاقيات الإسلام سلوكا يوميا، بدء من العلاقة الزوجية التي تدعو إلى الرفق واللين والعدل والإيثار، وصولا إلى معاملة الأبناء والآباء بروح من الرحمة والعطاء.
ويستشهد الخطباء بقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، لتأكيد أن حسن المعاشرة لا يقتصر على الأزواج، بل يمتد ليشمل الأهل كافة.
وتدعو الخطبة المؤمنين إلى استحضار القيم الأخلاقية في كل دوائر العلاقة الاجتماعية، انطلاقا من الأسرة الصغيرة إلى العائلة الكبرى، مع التذكير بأن البر بالوالدين وصلة الرحم من أعظم تجليات المعروف، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.
وتحث على جعل العلاقة الأسرية مرآة للمحبة والتضامن، محذرة من آثار الجفاء والغلظة والقطيعة، لما تفضي إليه من تفكك مجتمعي وفقدان البركة في العمر والعمل.
وتتطرق الخطبة أيضا إلى العلاقة مع الأقارب والجيران، مؤكدة على أن الإسلام لا يفصل بين العبادة والمعاملة، وأن البر والإحسان يجب أن يشمل من يحيطون بالمؤمن في محيطه الاجتماعي، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾، مع التنبيه إلى أن الكبر والتفاخر والتسلط ليست من أخلاق المسلم، بل تقطع حبل المعروف وتفسد المودة.
تختم خطب اليوم بتذكير روحي بأن المعاشرة الحسنة ليست فقط خلقا فرديا، بل هي خيار حضاري يساهم في تماسك الأسرة والمجتمع، وفي سعادة الإنسان في الدنيا وفوزه في الآخرة، داعية إلى تصحيح بعض العادات والمفاهيم المغلوطة التي تعيق التنزيل السليم لتعاليم الإسلام في الأسرة، كما تؤكد أن في الالتزام بالقيم الربانية خلاصا من تناقضات النماذج الاجتماعية المستوردة، ومن الانزلاقات التي تخل بالتوازن الأسري.