خطبة اليوم: الصِّيام وآثاره على الفرد والمجتمع

دينبريس
المغرب
دينبريس3 يناير 2025آخر تحديث : الجمعة 3 يناير 2025 - 8:02 صباحًا
خطبة اليوم: الصِّيام وآثاره على الفرد والمجتمع

الصيام عبادة عظيمة فرضها الله تعالى على عباده لتحقيق مقاصد روحية وأخلاقية سامية.

يقول حطيب الجمعة اليوم إن هذه العبادة تُزكي النفوس وتُهذب الأخلاق، حيث يُدرّب المسلم نفسه على الانضباط وكبح الشهوات والالتزام بأوامر الله تعالى. ويضيف أن الصيام يُعد وسيلة فعّالة لتعزيز التقوى والورع، مصداقا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

ويشير الخطيب إلى أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو عبادة تُربّي النفس على محاسبة الذات ومراقبة الأفعال والأقوال، حيث يُبعد الإنسان عن المحرمات، ويُقوّي إرادته في مواجهة الشهوات. ويبيّن أن النبي ﷺ أكد أهمية هذا الجانب بقوله: “الصيام لي وأنا أجزي به”، مما يُظهر عِظم مكانة الصوم عند الله تعالى، والأجر الجزيل الذي يُمنح للصائمين.

ويضيف أن الصيام يُعلّم المسلم المحاسبة الذاتية وتصفية النفس من الشوائب، كما يُدرّبه على الذكر والدعاء، فيُقوّي علاقته بالله تعالى، موضحا أن هذا الوعي الإيماني يُسهم في حماية الفرد من الوقوع في المعاصي، ويُساعده على التوبة الصادقة، وهو ما أشار إليه النبي ﷺ حين قال: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.

ويستطرد الخطيب موضحاً أن الصيام يُربي المسلم على ترك المحرمات، تماما كما يترك المباحات طاعة لله، مُشيرا إلى أن من يُجاهد نفسه في اجتناب الحرام، يُحقق الغاية الكبرى من الصيام، وهي التقوى والورع. ويتابع قائلا إن الصيام لا يُؤثر فقط على الفرد، بل يُنعكس أثره الإيجابي على المجتمع بأسره، حيث يُرسّخ قيم التكافل الاجتماعي ويُعزز الإحساس بمعاناة الفقراء والمحتاجين، مما يدفع الناس إلى الإحسان والتعاون.

ويؤكد أن الصائم يُشبه حامل المسك الذي ينتشر منه العطر الزكي، فيُفيد غيره برائحته الطيبة، مستشهدا بما جاء في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: “إنَّ ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”، ليُبرز بذلك الصورة الرمزية التي تُجسد الأثر الطيب للصيام على الأفراد والمجتمعات.

وفي سياق آخر، يوضح الخطيب أن الصيام يُعيد تقييم السلوكيات الفردية والجماعية، حيث يُعزز الالتزام بالقيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة واحترام حقوق الآخرين، ويُربي النفس على ضبط الأفعال والأقوال، وأن هذه الفضائل تجعل المجتمع أكثر تماسكا وترابطا، مما يُساهم في بناء بيئة قائمة على الاحترام والمحبة.

ويتابع قائلاً إن الالتزام بالصيام وفقا لمقاصده يُعد تدريبا عمليا على الطاعة والصبر والإخلاص، كما يُساعد المسلم على التواضع والرحمة، ويُذكّره بمعاناة الفقراء، مما يدفعه إلى مدّ يد العون لهم، وأن هذه المعاني تُحوّل الصيام إلى وسيلة لإصلاح النفس والمجتمع، وتُحقق أهداف الإسلام في بناء مجتمعات متماسكة تسودها العدالة والقيم النبيلة.

ويختم الخطيب حديثه بدعوة المسلمين إلى استثمار هذه الفرصة العظيمة، فقال: إن المطلوب هو أن ينعكس أثر الصيام على حياتنا، فلا يكون مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل يُصبح سبيلاً للارتقاء بالأخلاق والسلوك، وأن الصيام الحقيقي هو الذي يحفظ الإنسان من أذى الآخرين، ويمنعه من أكل أموال الناس بالباطل، ويُبعده عن الظلم والفساد.

وفي الختام، يدعو الخطيب الله عز وجل أن يُعين المسلمين على صيام رمضان وقيامه، وأن يُطهّر قلوبهم من المعاصي، ويُزكي نفوسهم، ويُصلح حالهم وحال مجتمعاتهم. وختم بقوله: اللهم اجعلنا من الصائمين الصادقين، ووفقنا للعمل بما يُرضيك، واهدِنا إلى صراطك المستقيم.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.