حكم الدواعش: بين التطرف والإنسانية

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس27 يناير 2025آخر تحديث : الأحد 26 يناير 2025 - 8:50 مساءً
حكم الدواعش: بين التطرف والإنسانية

عبد العزيز الخطابي
تُعتبر ظاهرة “داعش” واحدة من أكثر الظواهر إثارة للجدل في العصر الحديث. إذ لا تقتصر آثارها على العنف والقتل، بل تمتد لتشمل الإقصاء والتهميش، خصوصًا تجاه المرأة. حالياً، نجد أنفسنا أمام مأساة إنسانية تتجلى في حادثة العثور على جثة الأستاذة والمفكرة السورية د. رشا ناصر العلي، التي تم العثور عليها مقطوعة الأصابع. تعكس هذه الحادثة الصادمة مدى الكراهية التي يكنها المتطرفون للمرأة، وللأفكار التي تعبر عنها.

أولاً: فكرة الداعش ومصطلح “الدواعيش”

يُعَد مصطلح “الدواعش” رمزيًا للإشارة إلى الجماعات المتطرفة التي تتبنى أيديولوجيات تشوه الدين الإسلامي. يرى البعض أن نشأة هذه الجماعات، بما في ذلك داعش، ليست سوى نتيجة لصناعة صهيونية أمريكية تهدف إلى ضرب كل ما هو ضد الفكر الصهيوني والأمريكي. تُعتبر هذه النظرية جزءً من سردية أكبر تتعلق بالسياسات الدولية والتدخلات الخارجية في المنطقة.

صناعة الدواعش

تُشير بعض التحليلات إلى أن إنشاء داعش جاء كجزء من استراتيجية معقدة تتضمن دعمًا استخباراتيًا، حيث يُزعم أن هناك ارتباطات بين هذه الجماعات ومؤسسات استخباراتية أمريكية. يُعتبر هذا الأمر مثالًا على كيف يمكن أن تُستخدم الجماعات المتطرفة كأداة لتحقيق أهداف جيوسياسية، مما يُعقّد الصراع في المنطقة ويُعزز من حالة الفوضى.

أحداث 11 سبتمبر والحرب الباردة

هناك نقطة هامة تتعلق بأحداث 11 سبتمبر 2001، حيث يُعتبر هذا الهجوم الإرهابي أحد أبرز الأحداث التي غيرت مسار السياسة العالمية. يُثير هذا الحدث تساؤلات حول كيفية دخول هؤلاء الإرهابيين إلى أمريكا وتنفيذ الهجوم دون علم الأجهزة الأمنية. يعتبر البعض أن هذه الأحداث تُظهر مدى التعقيد في السياسة الأمريكية وعلاقتها بالجماعات المتطرفة.

كما لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، وخاصة في دعم المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفيتي. يُشير الكثيرون إلى أن هذا الدعم كان له عواقب وخيمة، حيث أدى إلى ظهور جماعات متطرفة استغلت هذه الظروف لتحقيق أهدافها.

لماذا الكره للمرأة؟

إن الكراهية التي يظهرها المتطرفون تجاه المرأة لا تقتصر على الأفكار الدينية بل تمثل انعكاسًا للجهل والتخلف. ففي الوقت الذي يُنظر فيه إلى المرأة كعُنصر أساسي في المجتمع، يصرّ البعض على إقصائها وتهميش دورها. يُعتبر اعتبار الكتابة والفكر “حرامًا” على المرأة تجسيدًا لهذه العقلية المتعصبة.

الفرق بين الإسلام والتطرف

يجب التمييز بين الإسلام كديانة تتمحور حول قيم الرحمة والتسامح، وبين التطرف الديني الذي يتبنى تفسيرًا مشوهًا لنصوص الدين. إن الإسلام الحقيقي يدعو إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع ويعتبرها شريكًا أساسيًا في الحياة. بينما يسعى المتطرفون إلى تبرير أفعالهم من خلال تفسيرات لا تمت بصلة إلى جوهر الدين.

حق الحياة

إن قتل النفس البشرية هو أمر مرفوض في جميع الأديان والثقافات، ويدعو إلى التساؤل: كيف يمكن للإنسان، أيًا كان، أن يقتل نفسًا؟ يُظهر هذا السلوك غياب الإنسانية، ويعكس حالة من الانحطاط الأخلاقي. يجب أن يكون هناك وعي بأن الحياة مقدسة، وأن كل إنسان له الحق في العيش بكرامة وأمان.

إن ما يحدث من عنف وتطرف في ظل وجود جماعات مثل داعش هو دعوة للتفكير والتأمل في قيمنا الإنسانية. يجب علينا جميعًا أن نعمل من أجل تعزيز السلام والتسامح، وأن نرفض كل أشكال العنف والإقصاء. إن الدفاع عن حقوق المرأة ودورها في المجتمع هو جزء أساسي من هذا الجهد، ويجب ألا يُنظر إليه كرفاهية، بل كضرورة حيوية لبناء مجتمع متوازن ومزدهر.
ــــــــــــ
صفحة الكاتب على فيسبوك

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.