دين بريس
شهد المغرب خلال سنة 2024 سلسلة من المحطات الدينية الهامة التي عكست حرص المملكة على ترسيخ قيم الدين الإسلامي وتعزيز الهوية الروحية والثقافية، تحت قيادة الملك محمد السادس.
وتنوعت هذه الأحداث بين دروس دينية ملكية، ندوات علمية دولية، إصلاحات تشريعية، وأنشطة تعليمية وتوعوية، ما جعل هذه السنة حافلة بالعطاء الديني والفكري.
الدروس الحسنية الرمضانية: إشعاع علمي
تجددت في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ (مارس وأبريل 2024) سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية التي ترأسها الملك محمد السادس، حيث شهدت حضور نخبة من العلماء والمفكرين من داخل المغرب وخارجه.
وقد افتُتحت هذه الدروس يوم 15 مارس، وتواصلت إلى غاية 01 أبريل، متناولة مواضيع متعددة مرتبطة بالإيمان، الوسطية، والسلم المجتمعي، إضافة إلى مناقشة قضايا معاصرة كالتعايش بين الأديان والتحديات الفكرية التي تواجه الأمة الإسلامية.
كما أُقيم حفل ديني كبير ليلة 6 أبريل بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء إحياء لليلة القدر المباركة، حضره عدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية، واختُتمت المناسبات الدينية الرسمية بصلاة عيد الفطر التي أداها أمير المؤمنين يوم 10 أبريل بالمسجد المحمدي بالدار البيضاء.
المجالس العلمية: تعزيز التأطير الديني والفكري
واصل المجلس العلمي الأعلى عقد دوراته السنوية، حيث اجتمع في دورته العادية الثالثة والثلاثين يومي 5 و6 يوليوز، ثم الدورة الرابعة والثلاثين يومي 29 و30 نوفمبر بالرباط.
وقد ناقشت هذه الدورات تحديات العصر في التأطير الديني وتعزيز دور العلماء في محاربة الغلو والتطرف الفكري، إضافة إلى تفعيل آليات جديدة لنشر الفكر الوسطي المعتدل.
وشهدت الساحة العلمية ندوة دولية بارزة يوم 3 ديسمبر حول تاريخ المصحف الشريف في المغرب، حيث استعرض الباحثون مراحل تطور علوم القرآن الكريم في المملكة ودور المصحف الشريف في الحفاظ على الهوية الدينية.
كما أُقيمت ندوة أخرى يوم 21 أكتوبر ناقشت أثر علم الكلام في العلوم الإسلامية، مبرزة المساهمات المغربية في تطوير هذا العلم.
الإصلاحات التشريعية: نحو تحديث المدونة الأسرية
أصدر المجلس العلمي الأعلى بتاريخ 23 ديسمبر معطيات تتعلق بالرأي الشرعي حول مراجعة مدونة الأسرة، أعقبها بلاغ ملكي يدعو إلى مراجعتها، في خطوة إصلاحية هادفة لتعزيز دور الشريعة في حماية الأسرة والمجتمع.
وشملت التعديلات المقترحة تعزيز حقوق المرأة والطفل، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات في إطار قيم الشريعة الإسلامية.
كما جرى في 5 سبتمبر إصدار دليل مرجعي بعنوان “خطة تسديد التبليغ”، والذي يهدف إلى تأطير الرسائل الدينية وفق مناهج علمية حديثة تضمن وضوح الفهم وسلامة التطبيق.
التعليم الديني وتعزيز الهوية الإسلامية
واصلت المؤسسات الدينية والتعليمية تأدية دورها المحوري، حيث أكد رئيس جامعة القرويين يوم 2 نوفمبر استمرار الجامعة في أداء رسالتها العلمية بدون انقطاع، وذلك من خلال تخريج أجيال من العلماء المتخصصين في مختلف مجالات العلوم الشرعية.
وفي 1 أكتوبر، تم تكريم عدد من الخطباء خلال حفل تسليم جائزة المجلس العلمي الأعلى للخطبة المنبرية، تأكيدا على دور المنبر في نشر القيم الإيمانية والأخلاقية.
كما ناقش البرلمان في جلسات عدة مواضيع متعلقة بالتعليم العتيق ومحو الأمية والتأطير الديني للجالية المغربية بالخارج، مع التأكيد على تطوير المناهج بما يواكب التحولات المجتمعية.
موسم الحج: تسهيلات جديدة للحجاج المغاربة
استعدادا لموسم الحج، شهد العام الحالي إجراءات تنظيمية متقدمة، كان أبرزها فتوى المجلس العلمي الأعلى الصادرة يوم 6 أغسطس، والتي تجيز صعود الحجاج المغاربة إلى عرفة مباشرة دون المرور من منى، لتيسير المناسك وتخفيف الأعباء.
كما تم تقديم عرض تفصيلي بمكة المكرمة حول مهام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي ركزت على خدمات الإرشاد والتوجيه واللوجستيات لضمان راحة الحجاج.
خطب الجمعة: منبر للتوجيه الروحي والاجتماعي
تميزت خطب الجمعة لسنة 2024 بتقديم رسائل توجيهية محورية ركزت على تعزيز الإيمان، وترسيخ القيم الأخلاقية، وتحفيز السلوك القويم.
كما تفاعلت مع المناسبات الدينية والوطنية لتعميق الوعي الروحي والانتماء الوطني. ومن أبرز هذه الخطب:
15 مارس: التأكيد على أهمية الأركان الأربعة في تقوية الإيمان وترسيخه.
5 يوليو: استخلاص العبر من الهجرة النبوية في بناء مجتمع متماسك يسوده الخير والحياة الطيبة.
13 سبتمبر: الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف واستلهام الدروس من السيرة النبوية العطرة.
1 نوفمبر: الاحتفاء بذكرى المسيرة الخضراء واستحضار قيم التضحية والوحدة الوطنية.
15 نوفمبر: تسليط الضوء على قيم الحرية والاستقلال في ذكرى عيد الاستقلال المجيد.
20 ديسمبر: استعراض مظاهر الإيمان من خلال أعمال الإحسان والخير.
الخلاصة: حصيلة غنية بالتأطير والتجديد
عكست الأنشطة الدينية والعلمية لسنة 2024 التزام المغرب بتعزيز قيم الدين الإسلامي، ونشر الوسطية، ودعم التعليم الديني، إلى جانب إدخال إصلاحات تشريعية تهدف إلى ترسيخ الاستقرار الأسري والاجتماعي.
وقد أثبتت هذه السنة أن المملكة تواصل ريادتها الروحية إقليميا ودوليا، بفضل رؤية متبصرة وتوجيهات حكيمة من إمارة المومنين.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=22331