خالد طحطح
هذه الحرب مختلفة تماما عن الحروب السابقة ليس في نتائجها بل في وسائلها وطرقها واستراتيجيتها المغايرة، فهي تتميز باختراق كبير لإيران استخباراتيا وإلكترونيا، وهي حرب غير تقليدية يستمتع بها الطرف القوي ويتعامل معها وكأنها مناورات عسكرية وفرت لهم أهدافا مجانية حقيقية، كانوا بحاجة إليها لتجريب قدراتهم العسكرية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والإكتروني.
في هذه الحرب اللأخلاقية التي يوظف فيها ترامب إسرائيل باعتبارها ذراعا إمبرياليا وظيفيا في المنطقة لتحقيق أهداف استراتيجية كبرى في الشرق الأوسط، نجده يقوم في نفس الوقت أي الرئيس الأمريكي بالتلاعب والسخرية بطريقة ذكية منذ بداية الحرب بالنظام الإيراني للتأثير على قراراته وحبس ردود أفعاله، من خلال التلويح بخيار الحرب حينا حتى يخيل إليك أنه سيهجم وينضم بشكل مباشر، ثم فجأة يعود للتلويح بخيار التفاوض.
إنها حرب نفسية خطيرة وناجحة لحد الآن، وهي لا تزال مستمرة، تستهدف الإرباك، وتمنح مزيدا من الوقت للكيان الصهيوني ليدمر ويضعف القدرات الإيرانية الاقتصادية والعسكرية والنووية على الأرض، فقد استهدف الكيان لحد الآن حوالي 1000 هدف، وكل ما يتم استهدافه بالغ الأهمية، وبمرور الأيام ستجد ايران نفسها مقصوصة الأجنحة، وقد خسرت الأسلحة التي ترددت في استعمالها في الفترة الأولى من المواجهة.
هؤلاء لهم خطط مدروسة ودقيقة لإرهاق الخصم وإضعافه وإنهاكه مع تهويلهم من خسائرهم التافهة والترويج لكونها غير مسبوقة، ولهم استراتيجيات عمل في ذلك، وأهداف قريبة وبعيدة المدى نوقشت على الطاولة لسنوات طويلة، ولهم أسلحة فتاكة تمنحهم القدرة على تنفيذ مشارعهم وتهديداتهم دون تسرع أو ضجيج أو تجييش أعمى، وهم يقدمون خلال الحروب تصريحات كاذبة ومضللة بين الفينة والأخرى، ونحن نرددها ونبني عليها في الكثير من الأحيان، ونخرج باستنتاجات بعيدة تماما عما يجري حقا في أرض الواقع، ومن ذلك الزعم بأن إسرائيل ستفقد قدراتها الدفاعية الجوية في حدود 12 يوم! والزعم بأن الاسرائليين لن يصمدوا وسيهربون جميعا في القوارب إلى قبرص! أو الزعم بأن إسرائيل لا تتحمل الصواريخ التي تسقط على أراضيها! إلى غير ذلك من الأخبار الزائفة! ولن نتفطن للعبة إلا بعد أسابيع حيث سنكون أمام واقع صادم وجديد!
التضليل الإعلامي الموجه والمحكم تتقنه أمريكا وطبقته في كل حروبها السابقة، ولا تزال مستمرة فيه حتى تحقق أهدافها الكبرى.
ملاحظة : من الأكاذيب التي يروجها الإعلام ويرددها بعض المحللون السذج أنه بمجرد تحرك امريكا عسكريا ستتحرك أذرع إيران في المنطقة: أي حزب الله في لبنان، وأنصار الله في العراق، والفاتح في أفغانستان، والحوثيين في اليمن!