محمد أكعبور ـ مرشد ديني بإقليم الصويرة، باحث في الخطاب والإعلام الديني
افتتاح وانفتاح :
تماشيا سياق التحول الرقمي في باب التخاطب الديني وبهدف استثمار تكنولوجيا الاتصال الحديثة التوظيف الأمثل للحضور المثقل بالتهممات الاجتماعية بالبيوتات الرقمية والغرف التكنولوجية ، تم اليوم الثلاثاء 15 أغسطس 2023، كما جاء على واجهة الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ؛ إطلاق “البث التفاعلي المباشر على الصفحة الرسمية للوزارة على الفايسبوك”.
منذ أبريل 2021 كنت قد نشرت مقالا بعنوان : في رحاب الخطاب الديني ، وكان مما قلت أن المؤسسة الدينية اليوم قوة اقتراحية كبيرة تساهم في بناء الوعي الجمعي للفرد والجماعة والوطن كما تساهم في التنمية البشرية إلى جانب وظيفتها في التنمية الدينية وإنماء الوعي الديني باستمرار كما له حضور إعلامي وازن يواكب التحديث والعصرنة بتوظيفها للتكنولوجيا الحديثة والانفتاح على استغلال واستثمار مواقع التواصل الاجتماعية وسيلة لمخاطبة جميع فئات المجتمع المدني وخصوصا الشباب رواد المواقع الهاربون من الواقع وهنا لا بد من القول بأن على هذه المؤسسات العمل على إنتاج خطاب ديني يخاطب الطفل والشباب .
هذا الموضوع بحاجة إلى رعاية خاصة وتفكير عميق لاستصدار مشروع خطاب الطفل والشباب الذي في الحقيقة يعرف قصورا ملحوظا علما أن لهذه الفئة المجتمعية حاجات دينية كثيرة لم يُعبَّر عنها من قبل وقد يعبر ولكن بخجل فالطفل والشباب مسلوب من لدن بدائل خِطابية أخرى ……….لذلك نجدهم مفعمين بطاقات وشحنات : الفعل ورد الفعل وكل فعل تقدر عواقبه .
سنعرض لهذا الأمر وفق المحاور التالية:
أولا : بساط ووبسط
المشروع ؛ جديد الإعلام الديني الذي ترعاه الوزارة ضمن تنويع سبل الاقتراب الديني من المواطنين والمواطنات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الفضاء الأزرق وخاصة منهم فئتي : الناشئة والشباب في إطار النهوض بجودة الخدمات الدينية الرقمية ومها ؛ التبليغ الرقمي الذي يدخل مراحل متقدمة عقب إنشاء صفحة الوزارة على الفيس بوك فصفحة منصة محمد السادس للحديث الشريف على محمولات رقمية اجتماعية شبابية متنوعة .
النافذة الموضوعاتية الرقمية الاجتماعية هذه ، تحمل هوية لها ، عبارة عن أيقونة سيميائية تُحيل على مضمونها ومضموها على مستوى تركيبها في إدماج للعملية التواصل الرقمية بحضور جهاز “المايكروفون” مدمج في بساط أحمر يتوسطه أخضر مماثل ، يتخلله في إحالة على العلم الوطني كما يرمز البساط هذا في مجموع مدلوله إلى الزليج البلدي المحاط بقطع متشاكلة متشابهة في الشكل واللون متباينة الحجم في البساط موضوع التحليل كما المتفرق منه والمتموقعة مربعا أو معينا موشوما بترميز فسيفساء مغربي مزخرف لإضفاء خصوصية جمالية مغربية أصيلة تمتاح من التاريخ المعمماري للقصور السلطانية والمساجد والجوامع والزوايا الوطنية .
ثانيا : محتويات الصفحة التفاعلية المباشرة
ها هي اليوم تجربة رقمية أخرى _كما جاء بالإعلان عبر موقع الوزارة _بوسم “صفحة البث المباشر للأنشطة الدينية والعلمية التي يواكبها موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الأنترنيت، وتنشر على الصفحة الرسمية التابعة للوزارة على الفايسبوك، وتجدون فيها:
أنشطة أمير المؤمنين.
القراءة الجماعية والفردية للقرآن الكريم.
الدروس العلمية لمنصة محمد السادس للحديث الشريف.
برنامج الأسئلة الفقهية.
ندوات علمية.
محاضرات.
خطب الجمعة.
وغيرها من الأنشطة”.
ثالثا : مرجعية الاقتراب الديني
ففي درس الحسني افتتاحي عام 1438 هـ والذي ألقاه بين يدي جلالة الملك السيد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، يوم الأحد 02 رمضان 1438 الموافق لـ 28 ماي 2017 حول موضوع “دور علماء المغرب في حماية الهوية الوطنية” أقام طرحا نظريا _ وحينها بسنوات خلون راكمت الوزارة تجربة رقمية في متن التواصل الديني الرقمي عبر موقعها الرسمي على الأنترنت والذي دشين يوم: 02 نونبر 2005 _
وكانت أشغال الدورة العادية الـ31 للمجلس العلمي الأعلى، بإذن من أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، المنعقد بمدينة الرباط ، قد أدرجت ضمن نقطها في جدول النقاش ؛ تعزيز الحضور الإعلامي للمؤسسة العلمية لضمان الاستمرار التواصلي في سياق تنزيل قيم الدين وفق نظرية التزكية والحياة الطيبة .
إن هذه المقاربات الإعلامية والتواصلية في باب الخطاب الديني الرقماني بالمملكة ، لتحتم على الفاعلين الجهويين المعينين طبقا للظهير الشريف رقم 1.23.47 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.03.300 بإعادة تنظيم المجالس العلمية ، كما الإقليمين : الابتكار والانفتاح الإعلامي على مؤسسات المحيط الإعلامي المحلية والجهوية وكذلك المواقع الرقمية وقنوات يوتيوب التابعة لها كما على صفحاتها الاجتماعية مع استثمار إمكانية ذاتية تتمثل في تفعيل صفحات هذه المؤسسات بالفضاء الأزرق وكذا إنشاء مجموعات موضوعاتية على خدمة الواتساب وبرامج التيمز لتنفيذ سياستي “وعظ القرب” و “تبليغ القرب ” لملء الفراغ الحاصل في مجال الاقتراب الديني سيرا على نهج هذه التجارب المرجعية التي ترعاها وتبتكر فيها بوصال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .
رابعا : التبليغ الرقمي ، رصد لتجارب
بلا شك ، إن هذه النافذة الرقمية النوعية في شكلها ومضمونها وموضوعها وفي السياق الذي أتت فيه يتأسس على مرجعية فكرية في باب التبليغ الديني الذي تم النهوض به ببلادنا في ظرف وجيز جدا ، فتحصل له تراكم كمي ونوعي يجعل المغرب فاعلا مرجعيا في باب الخطاب الديني الرقماني .
هذا ، وقد نشرنا ثلاثة مقالات في باب عرض تجربة المغرب في رعاية الخطاب الديني الرقماني تحت مسمى :
1_ الجهود الإعلامية في تبليغ الخطاب الديني بالمغرب زمن الجائحة: تجارب ونماذج (1) ، دجنبر 2020
2_ الجهود الإعلامية في تبليغ الخطاب الديني بالمغرب زمن الجائحة: تجارب ونماذج (ملحق) ، يناير 2021
3_ المغرب ؛ الفاعل المرجعي في الخطاب الديني الرقماني : منصة محمد السادس للحديث الشريف ، مايو 2022.
مختتم لا مكتتم
إن التدخلات الدينية للعالم والإطار والمثقف والقائد والمرشد الديني ينبغي أن تهدف إلى استثمار الإعلام الاجتماعي للقرب في شأن تنويع سبل التبليغ بهدف جعل الخطاب الديني الرسمي الملجأ الآمن ، لكل مواطن من مستوى عمر يدرك الواقع الديني الذي يتدين الله به ، وعلى أولئك المتدخلين الدينيين أن يستوعبوا ويستشعروا أن “لابد من التذكير بأن الخدمة الدينية تقوم في جانب كبير منها على التبليغ، أي ما يسمى اليوم بالتواصل، وهو في التقاليد العريقة خطاب الأئمة والوعاظ وخطباء الجمعة وإرشاد العلماء وفتاواهم، وكان هذا التبليغ يتم في معظمه بكيفية مباشرة داخل المساجد.”عن موقع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20479