بدأ حجاج بيت الله الحرام صباح الأربعاء الثامن من ذي الحجة بالتوجه إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، تأهبا للوقوف بعرفة، واستعدادا لمواصلة مناسك الحج، وسط أجواء روحانية يسودها الخشوع والتلبية والتكبير، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويتقدم الحجاج المقرنون والمفردون إلى منى بإحرامهم، فيما يحرم المتمتعون من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، ويبيتون بمنى حتى صباح التاسع من ذي الحجة، قبل أن يتجهوا إلى صعيد عرفة، ثم يواصلون مناسكهم بالمبيت في مزدلفة ورمي الجمرات أيام التشريق، وفق ما جاء في النص القرآني (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).
ويقع مشعر منى على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، بين مكة المكرمة ومزدلفة، وتحيط به الجبال من الشمال والجنوب، وهو أحد حدود الحرم التي لا تُسكن إلا في موسم الحج، وتحده جمرة العقبة من جهة مكة، ووادي محسر من جهة مزدلفة.
ويحظى مشعر منى بمكانة تاريخية ودينية، فهو الموضع الذي رمى فيه نبي الله إبراهيم الجمار وذبح فداء ابنه إسماعيل، وهو الفعل الذي أكده النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فاستن المسلمون بسنته في رمي الجمرات وذبح الهدي والحلق.
ويحتوي المشعر على معالم بارزة أبرزها الجمرات الثلاث ومسجد الخيف، الذي يقع على السفح الجنوبي من جبل منى، قرب الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، وذكر يزيد بن الأسود أنه صلى خلف النبي فيه خلال حجة الوداع، وقد شهد المسجد عمليات توسعة وعناية متواصلة، كان آخرها عام 1407 هـ.
ومن الأحداث البارزة في منى، بيعتا العقبة الأولى والثانية، حيث بايع عدد من أهل يثرب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الموقع نفسه الذي أقيم فيه لاحقا مسجد البيعة بأمر من الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور عام 144 هـ، إحياء لذكرى البيعة ومكانتها في تأسيس الدولة الإسلامية.
وشهدت منى أيضا نزول سورة “المرسلات”، كما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حين نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غار بمنى، فتلاها على أصحابه.
دين بريس ـ واس