11 يوليو 2025 / 09:45

جديد المكتبات.. في السبيل إلى الله: الفتوحات العربية وتكوين الامبراطورية الإسلامية

خالد وحش

كتاب حديث الترجمة للمستشرق روبرت هويلاند، وترجمه فلاح حسن الأسدي، عن دار ومكتبة عدنان، بغداد، بعنوان “في السبيل إلى الله: الفتوحات العربية وتكوين الامبراطورية الإسلامية”، وقد اشتهر مؤلفه الذي ينتمي إلى المدرسة الأنجلوسكسونية، بعدة كتابات حول التاريخ الاسلامي وهذا اول كتاب له يترجم للعربية.

للكتاب الحالي أهمية كبرى إذ يقدم رؤية مختلفة عن تكوين الإمبراطورية العربية الإسلامية للفترة من ظهور الإسلام حتى نهاية الحكم الأموي (132 هـ/ 750م)، وتعتمد على استخدام المصادر غير الإسلامية للفترة موضوع الدراسة، كالنقوش والبرديات والحوليات المسيحية وغير المسيحية، التي أكدت أن العرب كانوا يخدمون في الجيوش البيزنطية والفارسية في الفترة قبل الإسلام بوقتٍ طويلٍ، وأحرزوا تدريبا قيما على استخدام الأسلحة والخطط العسكرية في الجيوش الإمبراطورية.

أشارت هذه المصادر أيضا إلى أننا يجب رؤية الكثير من تحالف النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مع القبائل العربية في غرب الجزيرة العربية، البدو منهم والمستقرين، ليس بوصفهم مجرد خارجيين يبحثون عن الغنائم وسلب الإمبراطوريات ونهبها، إنما عناصر داخلية تبحث عن مشاركةٍ في ثروات أسيادهم الإمبراطوريين، وكما هو الحال عند دخول القبائل الجرمانية إلى الإمبراطورية الرومانية في القرون الميلادية الأولى.

كما أوضح الباحث نقطة مركزية في بناء الإمبراطورية العربية الإسلامية، وهي السرعة التي تمت بها بناء تلك الإمبراطورية ليس بوصفها نتيجة لقيادة العرب لتلك الفتوحات واعتمادهم على قواهم الذاتية فحسب، بل استغلالهم للزمن الذي لم يكن إلى جانب الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، والبرهنة على استخدام “الاستيعاب المتبادل” الذي سمح للعرب والشعوب المفتوحة بالعيش معا وخلق هُوية إسلامية جديدة وحضارة إسلامية فتية.

وأكد الباحث أن الفاتحين اتبعوا الوسائل غير العسكرية أيضا لتوسيع مكاسهم وتعميقها، فضلا من تعهداتهم الاعتيادية باحترام حياة وممتلكات وحرية العبادة للشعوب التي تعلن خضوعها لهم دون قتاله ومنحوا الإعفاءات الضريبية والحكم الذاتي للذين يعيشون في المناطق الوعرة الراغبين في الخدمة العسكرية، وهي سياسة صائبة في استيعاب الشعوب المفتوحة من الفاتحين كما الحال في التجربة البريطانية في الهند حينما كان 80 في المائة من الجنود العاملين في الجيش البريطاني هناك من أصول هندية، پينما أحتفظ البريطانيون بالمواقع العسكرية العليا والقيادية، وهنا أورد الباحث مقاربات تاريخية في بناء الإمبراطوريات عبر التاريخ للمقارنة مع تجربة بناء الإمبراطورية العربية الإسلامية، مما جعل هذه الدراسة تذكرنا بفلسفة التاريخ في مسألة قيام الإمبراطوريات وانحلالها.

جدير بالتذكير، أن روبرت ج هويلاند، مستشرق درس اللغات والثقافات الشرقية بجامعة أكسفورد تحت اشراف باتريشيا كرون ومصطفى بدوي ومختصون آخرون، وبعد نيلية درجة الدكتوراه عمل في عدد من الجامعات من بينها جامعة سانت اندروز، جامعة كاليفورنيا، وجامعة اوكسفورد، وهو حاليا أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بمعهد دراسات العالم القديم، جامعة نيويورك، كما نشر العديد من الكتب من تاريخ وثقافة الشرق الأوسط من بينها مروية الاسلام كما يراه الآخرون (2001)، وكتاب ملوك بلاد فارس، (2017)، بالإضافة الى كتاب تاریخ منهجي، كما كتبت دراسات من ثقافة وتاريخ الشرق الأوسط کالنقوش وأوراق البردي، كما قام ببعض التنقيبات في سوريا وفلسطين واذربيجان.