دين بريس
أثارت قضية إطلاق سراح رئيس حركة مجتمع السلم السابق، عبد الرزاق مقري، من قبل السلطات الإسرائيلية، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية الجزائرية، خاصة في ظل معطيات متداولة حول تنسيق استخباراتي تركي–إسرائيلي يُعتقد أنه كان وراء الإفراج عنه، بعيداً عن القنوات الدبلوماسية الجزائرية الرسمية.
وكان مقري من بين النشطاء الجزائريين المشاركين في “قافلة الصمود” المتجهة نحو غزة لكسر الحصار، حيث تم توقيفه من قبل الجانب الإسرائيلي. وقد ظهر في تسجيل مصوّر يطلب فيه من الحكومة الجزائرية حصرياً التدخل لإطلاق سراحه، دون أن يشير إلى أي جهة أخرى.
لكن المفاجأة، وفق مصادر متطابقة، تمثلت في وصوله إلى إسطنبول على متن طائرة تركية قادمة من تل أبيب، حيث رفض التعامل مع السفارة الجزائرية، رغم أن السلطات الجزائرية كانت قد أعلنت مسبقاً عن تكفلها بجميع مواطنيها ضمن القافلة بالتنسيق مع دولة شقيقة. وأكد شهود عيان جزائريون في تركيا أن مقري صرّح فور وصوله: “لدينا أصدقاء في تركيا”، في إشارة فهمها البعض كتبرير ضمني للطريقة التي تم بها إطلاق سراحه.
وقد طرحت هذه التطورات تساؤلات كبيرة حول خلفية ما حدث، لاسيما في ظل تسريبات تتحدث عن إمكانية أن يكون المعني بالأمر بصدد السعي للاستقرار في تركيا، أو حتى التفكير بطلب اللجوء السياسي، خاصة في ظل المناخ السياسي المتوتر في الجزائر. ويُعزز هذه الفرضية واقع العلاقات المشحونة بين الطبقة السياسية والمؤسسة العسكرية، خصوصاً بعد حادثة فرار ضابط جزائري إلى إسبانيا مؤخراً، والتي أعادت إلى الواجهة قضية التضييق الأمني والسياسي داخل البلاد.
كما أن صمت مقري وعدم توضيحه للملابسات المحيطة بخروجه من إسرائيل ودخوله إلى تركيا، مع رفضه التواصل مع ممثلي الدولة الجزائرية، يطرح علامات استفهام حول ما إذا كان هناك ترتيب شخصي خارج الإطار الرسمي، وهو ما قد يُعد إخلالاً بثقة الدولة، إن لم يكن خرقاً أخطر في حال ثبوت التنسيق مع جهات أجنبية.
وفي ظل غياب موقف رسمي من السلطات الجزائرية أو توضيحات من عبد الرزاق مقري، يبقى هذا الموضوع مفتوحاً على كل الفرضيات، في ظل وضع سياسي واجتماعي مأزوم، ينذر بمستقبل غامض.