في مقال تحليلي لافت، يناقش الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز الوضع الراهن في سوريا.
ويؤكد أن إسرائيل ألحقت هزيمة بإيران وشبكة المقاومة التابعة لها، وهي هزيمة قد تترتب عليها تداعيات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن هذه الهزيمة تمثل تحولا استراتيجيا قد يؤدي إلى تغييرات عميقة في المنطقة.
وفي تعليقه على تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشأن سوريا، يرى فريدمان أن تصريحاته التي تدعو إلى الابتعاد عن الصراع السوري ليست عملية، فقد قال ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “سوريا فوضى، لكنها ليست صديقتنا. الولايات المتحدة يجب ألا يكون لها أي علاقة بها؛ هذه ليست معركتنا، دعوها تتكشف.” ،إلا أن فريدمان يرد قائلا: “سوريا هي حجر الزاوية في الشرق الأوسط. إنها انهارت مثل جسر دُمّر، مما يخلق مخاطر وفرصا جديدة سيتفاعل معها الجميع في المنطقة.”
ويضيف أن الابتعاد عن الوضع السوري ليس خيارا، خاصة مع وجود القوات الأمريكية في شرق سوريا، مشددا على ضرورة تحديد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة واستغلال الأحداث السورية لتحقيق تلك المصالح.
من النقاط الرئيسية التي يثيرها فريدمان في تحليله هي المصلحة الأمريكية في سوريا، ويرى أن الانتفاضة السورية قد تكون بداية لانتفاضة ديمقراطية في إيران على المدى البعيد، وأن الأحداث في سوريا، إلى جانب الهزيمة العسكرية الإيرانية على يد إسرائيل، قد تترك القيادة الإيرانية في موقف ضعيف.
من جهة أخرى، يقر فريدمان بأن هذا الضعف قد يفرض على قادة إيران الاختيار بين السعي للحصول على سلاح نووي لإنقاذ النظام أو التفاوض على التخلص منه في صفقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن أبرز القضايا التي يثيرها فريدمان هي هوية المتمردين الذين سيطروا على سوريا. يسأل: هل يسعى هؤلاء المتمردون إلى بناء ديمقراطية تعددية أم إلى إقامة دولة إسلامية؟ يشير فريدمان إلى أن التاريخ يعلمنا أن الحركات الإسلامية المتشددة غالبا ما تنجح في مثل هذه الظروف، لكنه يأمل أن يشهد تحولا مختلفا في هذه الحالة.
وتأتي أحد أكبر المخاوف التي يعبر عنها فريدمان من تقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذي يحذر من أن “سوريا ما بعد الأسد مهددة بأن تدار من قبل ميليشيات خارجة عن السيطرة.” ويرى أن هذا التحذير يعكس مشكلة فشل العديد من الدول في إدارة تعدديتها وبناء اتفاقات اجتماعية تضمن الاستقرار والنمو.
ويشير إلى أن هناك دولًا عدة أصبحت في “مرحلة متأخرة جدًا عن الاستعمار، لكنها فشلت في حكم نفسها”، بما في ذلك سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وفي الختام، يشير فريدمان إلى أهمية التعاون بين القوى العالمية لمواجهة الفوضى الإقليمية والدولية، حيث إن هذا التعاون قد يكون الطريق الوحيد لتقليص الفوضى وتعزيز النظام في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره.
ويلخص فريدمان التحدي الجيوسياسي في سوريا باستخدام حكمة روسية شهيرة: “من الأسهل تحويل حوض السمك إلى شوربة سمك من تحويل شوربة السمك إلى حوض سمك.”
المصدر : https://dinpresse.net/?p=21937