أحمد الجابري
احتضنت غرفة الفلاحة لجهة مراكش آسفي صبيحة يوم السبت 21 شتنبر 2024 ثاني اجتماع للجنة التحضيرية لملتقى دولي حول القنص المستدام اتخذ كشعار له “أهمية القنص في الحفاظ على المنظومة البيئية: بين تحديات الاستدامة و تأثيرات التغيرات المناخية”.
ومن المرتقب أن ينعقد هذا الملتقى الذي يعد سابقة في هذا المجال بالمغرب، بمراكش في مطلع السنة المقبلة. وقد عرفت هذه المائدة المستديرة التي استمرّت لأزيد من أربع ساعات مشاركة عميد كلية العلوم بجامعة القاضي عياض والمدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بالإضافة إلى العديد من الأطر والباحثين والأساتذة الجامعيين ومسؤولي المصالح المعنية والمجتمع المدني يحدوهم في ذلك الاهتمام المشترك برياضة القنص وتقديم مقترحات لجعلها وسيلة ناجعة لتحقيق التنمية المجالية المستدامة مع مراعاة الحفاظ على البيئة واحترام ثقافة ساكنة المناطق القروية التي تمارس فيها هذه الرياضة.
وقد أعرب المشاركون في هذا الاجتماع عن استعدادهم لبذل المجهودات اللازمة والاستماتة في العمل من أجل ضمان استمرارية هذه التجربة الرائدة التي تعد تفعيلا حقيقيا لمقتضيات الدستور المتعلقة بالديمقراطية التشاركية عبر نسج علاقات تكاملية بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. وحسب تصريح أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للملتقى الدولي حول القنص المستدام فإن هذه النواة المتعددة المشارب والمتكاملة في آن واحد قد وضعت نصب عينها خلق وعي جماعي بأهمية رياضة القنص كرافعة للتنمية المحلية المستدامة وضرورة الحفاظ على البيئة وتوازنها لضمان تلك التنمية.
ففي ظل ما يواجهه المغرب من تغيرات مناخية وما ينتج عنها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية تُنْذر -إن لم يتم ضبطها- بهِجرات جماعية من القرى والمداشر نحو المدن نظرا لندرة المياه أو ما يصطلح على تسميته بالإجهاد المائي الناتج عن الجفاف والتصحر والتزايد السكاني وسوء استعمال المياه، يتوجب على المجتمع المدني أن يقوم بالأدوار المنوطة به وعلى رأسها دور التوعية والتحسيس، علما أن معدل الأمية الذي لا يزال جد مرتفع في المغرب خصوصا في العالم القروي يشكل عائقا كبيرا أمام إنجاح هذه العملية.
وحسب ذات المصدر فإن المشاركين في هذه الحلقة الدراسية واعون بحجم المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية الملقاة على عاتقهم و بضرورة الانخراط في هذا المشروع الذي يكتسي بعدا إنسانيا عميقا، ووعيا منهم كذلك بحجم تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة والثروات الإنسانية والحيوانية وبالتالي وجوب تحقيق توازن فعلي ومستدام بين القنص كرياضة موسمية ومتطلبات الحفاظ على البيئة والتراث الحيواني، أبدوا استعدادهم اللامشروط لتكثيف الجهود من أجل القيام بحملات تحسيسية وتوعوية مُنتظِمة في أوساط القناصة والتشديد على ضرورة احترام البيئة وأخلاقيات رياضة القنص تحت طائلة القانون ثم القيام بحملات مماثلة في أوساط الساكنة القروية لحثها بالإضافة إلى ما سلف ذكره على الإسهام في دعم مجهودات الوكالة الوطنية للمياه والغابات للحفاظ على الثروة النباتية والحيوانيّة.
وبالنظر إلى هذه المعادلة الثنائية (البيئة / العنصر البشري) فالإنسان يشكل لا محالة رأسمالا حقيقيا يجب الاستثمار فيه لضمان استمرار العلاقة التكاملية والجدلية في آن واحد بين الإنسان والبيئة. ويبقى هذا الهدف رهينا بدرجة وعي الإنسان بخطورة ممارساته اليومية السلبية على البيئة وأهمية المحافظة على هذه الأخيرة ليس فقط كمورد أساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وإنما كذلك لتأمين عيشه وبقاءه.
كسب هذا الرهان وما يقتضيه من تظافر الجهود بين المجتمع المدني والأهالي والقناصة يعد إذن وسيلة لإعطاء قيمة مضافة ولتحقيق طفرة اقتصادية واجتماعية في مختلف المناطق التي تمارس فيها رياضة القنص. فالنمو الاقتصادي المنشود يتم بخلق موارد تكميلية أو بديلة أو جديدة للعيش ستساهم في الحد من الهجرة القروية.
أما على المستوى الاجتماعي فسينعكس الانتعاش الاقتصادي على أنماط عيش تلك الساكنة التي سينمو لديها وعي جماعي بضرورة الحفاظ على الموارد البيئية على اعتبار أن هذه الأخيرة تعد لو استغلت بشكل معقلن رافعة فعلية وفعالة للتنمية كونها وسيلة لجلب السياح في إطار ما يسمى السياحة الإيكولوجية أو المستدامة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من السياحة يعد “منتجا متخصصا” (Produit de niche) يتماشى مع موضة العصر وسيزداد الطلب عليه بالنظر إلى عدة عوامل أبرزها:
1. البحث عن الاستجمام والاسترخاء في المناطق الريفية الهادئة و المتميزة بجودة جوها؛
2. استخدام واستهلاك المنتجات والمواد المحلية (Produits du terroir) مما سيخلق ديناميكية إنتاجية ترتكز على الصناعات التقليدية المحلية؛
3. اكتشاف عادات وتقاليد وثقافة الساكنة بعيدا عن ضوضاء كبريات المدن السياحية التي بدأت تفقد جاذبيتها شيئا فشيئا بسبب عدم تنوع العرض الذي أقل ما يمكن أن يقال في حقه أنه أصبح متجاوزا وقديم الطراز، ناهيك عن جملة المشاكل التي يواجهها السائح الأجنبي خلال إقامته من مضايقات وعمليات النصب والاحتيال وغيرها من مظاهر مشينة ومسيئة لسمعة المغرب كوجهة سياحية.
وقد أكد عضو اللجنة التحضيرية في معرض حديثه عن ارتباط السياحة برياضة القنص كمنتج متخصص يجب الاهتمام به أن الملتقى الدولي الذي هم بصدد التحضير له سيشكل فرصة كبيرة للتعريف بما يزخر به المغرب من مؤهلات طبيعية وسياحية وثقافية ستسهم لا ريب في استقطاب نوع جديد ومتميز من السياح الأجانب والاستثمارات المحلية والأجنبية في مجال السياحة الإيكولوجية، المستدامة ، العادلة والتضامنية بما يتماشى مع منظومة تحقيق العدالة الاجتماعية والجمالية.
Source : https://dinpresse.net/?p=21069