سلّط مؤتمر ديني دولي احتضنته العاصمة الكورية الجنوبية سيول نهاية يونيو الجاري الضوء على تنامي مظاهر التطرف اليميني المسيحي في عدد من دول العالم، محذرا من ارتباط هذا التيار السياسي بتيارات دينية داخل الكنائس.
وشدد المؤتمر، الذي شارك فيه عشرات من المفكرين اللاهوتيين وقادة الحركات الدينية من آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، على أن صعود الخطاب اليميني المسيحي بات يمثل تهديدا للتماسك الاجتماعي والديمقراطي، ويقوّض المبادئ الإنسانية في ظل انتشار خطاب الكراهية ونظريات المؤامرة.
وتوقفت جلسات المؤتمر عند أوجه الانزياح في بعض الأوساط الكنسية نحو دعم مباشر أو ضمني لأفكار التفوق الثقافي والديني، ورفض التعددية، وتبني خطاب يعادي المساواة والحقوق الفردية، مع الإشارة إلى أن مظاهر هذا التطرف لم تعد تقتصر على مجتمعات بعينها، بل أضحت عابرة للقارات.
وأجمعت المداخلات على أن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والرقمية المتسارعة أسهمت في إعادة تشكيل الحضور الديني في الفضاء العام، وسط تصاعد النزعات القومية والدينية، وتنامي أشكال التسلح وإضعاف المبادئ الأخلاقية التي طالما شكلت قواسم مشتركة دولية، ومن بينها التحريم الرمزي لاستخدام السلاح النووي، واحترام قواعد الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.
واعتبر المؤتمر أن بعض المؤسسات الدينية باتت بحاجة ملحّة إلى مراجعة خطابها وممارساتها، في ظل تسرب شعارات اليمين المتطرف إلى المجال الكنسي، سواء من خلال رفض الآخر أو تبرير الإقصاء والتفاوت الاجتماعي على أسس دينية أو ثقافية.
وصدر عن المؤتمر بيان ختامي دعا إلى إطلاق تحركات دينية عاجلة للتصدي لاختراق الفكر المتشدد للخطاب المسيحي، والعمل على إحياء جوهر رسالة الدين القائمة على المحبة والمصالحة والكرامة الإنسانية.
كما أوصى بتعزيز الأبحاث اللاهوتية حول علاقة الدين بالسياسة، وتشجيع الكنائس على تبني مواقف علنية ضد الخطابات العنصرية، والوقوف إلى جانب الفئات الهشة والمتضررة من السياسات الشعبوية.
البيان دعا أيضا حكومات العالم إلى ترسيخ أنظمة ديمقراطية قائمة على احترام الإرادة الشعبية، وضمان بدائل اجتماعية واقتصادية تقلص فجوات التفاوت، وتُعزز العدالة.
ونادى المجتمع الدولي، وفي طليعته الأمم المتحدة، بتحمل مسؤولياته تجاه الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان، والعمل على بناء منظومة عالمية تُكرّس القيم الإنسانية وتصون الكرامة البشرية بعيدا عن كل أشكال التمييز أو التوظيف الديني.