6 أغسطس 2025 / 17:06

تناقضات وازدواجية صناع البطولة باسم الدين

د. الناجي لمين. أستاذ بدار الحديث الحسنية. الرباط

خواطر الأقصى: الخمول شرط نيل الولاية، والألم المستمر شرط الإصلاح

من السهل جدا في هذا الزمان الذي اختلت فيه القواعد العلمية للتقويم أن تصبح بطلا:
يكفي في أي نكبة تصيب المسلمين، (وما أكثر نكباتهم) فتقضي بياض يومك في الاعتناء بشؤون بيتك ورعاية مصالحك الخاصة، ثم تجلس في العشي في المقهى أو أمام التلفاز في بيتك مع أطفالك فتكتب منشورا تُخَون فيه جميع الخلق، لأنهم لم يقوموا بواجبهم نحو هذه النكبة. وأخطر من هذا النوع من البشر أولئك الذين يُؤتَى بهم مِن بيوتهم وينادون الناس بالجهاد مِن مقرات فندقية فخمة، وأبناؤهم يعيشون في أجمل مدن العالم، لهم أكثر من جنسية. كان العلماء إذا دعوا الى الجهاد عند الاقتضاء يكونون في الطليعة، ولو أحصيتَ العلماء المغاربة مثلا الذين استشهدوا في المعارك أو في الربُط والثغور لوجدتَ عددهم كبيرا.
بل يكفي الشخص اليوم أن يتظلم لأنه أقيل من منصب دنيوي زائل. بل يكفيه أن يتهور فيخالف القانون فيحكم عليه ببضعة أشهر سجنا، لكنه يجني بعدها الشهرة التي تتيح له بعد ذلك جني شيء غير قليل من فضول الدنيا.
أما أولئك الذين يطوفون على أهل الجاه والمال في بقاع العالم، ويدَّعون التصوف ومحبة الخلق والحيوان والشجر والحجر، ثم في نفس الوقت يحرضون على المجاهدين المظلومين الذين سلبوا مع ذويهم طولَ حياتهم أبسطَ مقومات الحياة البشرية الكريمة فلا يُدرَى كيف تكون عاقبة أمرهم عند خالقهم.
لو تأملتم أيها الإخوة قليلا لعلمتم أن ذلك الرجل الخامل الذي يعيش على الكفاف ويَحصُر نفسه مع ثلة من الشباب والأطفال، يُحَفظهم كتاب الله، ويدرسهم متون ابن عاشر والرسالة والاجرومية والالفية على طريقة العلماء الراسخين أكبر قدرا وأعلى شأنا في الإصلاح من هؤلاء الانتهازيين.
بل هو من أخطر الناس على الحداثة، وما بعد الحداثة.
والله أعلم وأحكم.

ملاحظة: العنوان من اقتراح الموقع.